أحمد بن محمد بن مكي أبي الحرم ابن ياسين القاضي نجم الدين القمولي قال كمال الدين جعفر الإدفوي : كان من الفقهاء الأفاضل والعلماء المتعبدين والقضاة المتعينين وافر العقل حسن التصرف محفوظاً ؛ قال لي رحمة الله يوماً : لي قريب من أربعين سنة أحكم ما وقع لي حكم خطأ ولا أثبت مكتوباً تكلّم فيه أو ظهر فيه خلل . سمع من قاضي القضاة بدر الدين ابن جماعة وغيره واشتغل بالفقه بقوصى ثم بالقاهرة وقرأ الأصول والنحو وشرح الوسيط في الفقه في مجلدات كثيرة وفيه نقول عزيزة ومباحث مفيدة وسماه البحر المحيط ثم جرّد نّقوله في مجلدات وسماه جواهر البحر . وشرح مقدمة ابن الحاجب في مجلدين وشرح الأسماء الحسنى في مجلد وكمل تفسير ابن الخطيب وكان ثقة صدوقاً . تولى الحكم بقمولا عن قاضي قوص شرف الدين إبراهيم بن عتيق ثم تولى الوجه القبلي من عمل قوص في ولاية قاضي القضاة عبد الرحمن ابن بنت الأعز وكان قد قسم العمل بينه وبين الوجيه عبد الله السمرباوي ثم ولي أخميم مرتين وولي أسيوط والمنية والشرقية والغربية ثم ناب بالقاهرة ومصر وتولى الحسبة بمصر واستمر في النيابة بمصر والجيزة والحسبة إلى أن توفي . ودرَّس بالفخرية بالقاهرة وما زال يفتي ويدرّس ويكتب ويصنّف وهو مبجّل معظم إلى حين وفاته . وكان الشيخ صدر الدين ابن الوكيل يقول : ما في مصر أفقه منه وكان حسن الأخلاق كثير المروءة محسناً إلى أهله وأقاربه وأهل بلاده وتوفي في شهر رجب سنة سبع وعشرين وسبعمائة . ويقال إن أصله من أرمنت .
القاضي القرطبي النحوي .
أحمد بن محمد بن هاشم بن خلف بن عمرو بن عثمان بن سلمان القيسي القرطبي أبو عمرو . سمع محمد بن عمر بن لبابة وأسلم بن عبد العزيز وأحمد ابن خالد ومال إلى النحو فغلب عليه وأدب به . وكان وقوراً مهيباً لا يقدّم أحد عليه ولا عنده هزل وكان يلقب القاضي لوقاره . مات سنة خمس وأربعين وثلاثمائة وكان أعرج .
المستعين بالله العباسي .
أحمد بن محمد بن هارون أمير المؤمنين أبو العباس المستعين بن المعتصم بن الرشيد ابن المهدي بن المنصور . ولد سنة إحدى وعشرين ومائتين وبويع في شهر ربيع الآخر سنة ثمانٍ وأربعين عند موت المنتصر ابن المتوكل . واستقام له الأمر واستوزر أبا موسى أوتامش بإشارة شجاع بن القاسم ثم قتلهما ثم استوزر صالح بن شيرازاذ . فلّما قتل وصيف وبغا باغراً التركيَّ الذي قتل المتوكل تعصب الموالي وتنكروا له فخاف وانحدر من سرّ من رأى إلى بغداذ فأخرجوا المعتز بالله من الحبس وبايعوه وخلعوا المستعين وبنوا الأمر على شبهة وهي أن المتوكل بايع لابنه المعتز بعد المنتصر وأخرجوا المؤيد بالله إبراهيم بن المتوكل ثم إن المعتز جهّز أخاه أحمد لحرب المستعين واستعد المستعين وابن طاهر للحصار وتجرد أهل بغداذ للقتال ودام أشهراً وغلت الأسعار ببغداذ ودام البلاء وصاح أهل بغداذ فالجوع فانحل أمر المستعين لما كاتب ابن طاهر للمعتز وعلم أهل بغداذ بالمكاتبة فانتقل المستعين إلى الرصافة وخلع المسعتين نفسه وأحدر إلى واسط تحت الحوطة وأقام بها مسجوناً . ثم إنه ردّ إلى سرّ من رأى فقتل بقارسيتها في ثالث شوال سنة اثنين وخمسين ومائتين وقيل ليومين بقيا من شهر رمضان وله إحدى وثلاثون سنة .
كان مربوع القامة أحمر الوجه خفيف العارضين بمقدم رأسه طول وكان حسن الوجه والجسم بوجهه أثر جدري عبل الجسم وكان يلثغ بالسين نحو الثاء . وأمه أمُّ ولد . وكان مسرفاً مبذراً للخزائن ويقال أنه قيل له اختر أيَّ بلد تكون فيه فاختار واسط . فلما أحدروه قال له في السفينة بعض أصحابه : لأي شيء اخترتها وهي شديدة الحر ؟ فقال : ما هي بأحر من فقد الخلافة وأورد له المرزباني في معجم الشعراء لما خلع : .
كلُّ ملكٍ مصيره لذهاب ... غير ملك المهيمن الوهّاب .
كلُّ ما قد ترى يزول ويفنى ... ويجازى العباد يوم الحساب .
وقال لما استفحل أمر المعتز : .
أستعين الله في أم ... ري على كلَّالعباد .
وبه أدفع عنّي ... كيد باغٍ ومعادي .
وأورد له صاحب المرآة : .
أحببت ظبياً ثمين ... كأنه غثن تين .
بالله أي عالمين ... ما في الثما مثلمين .
من لامني في هواه ... شوّكته بالعجين .
قلت : يريد :