وكسر التاء وفتح الفاء والسين والفاء فالتفت إليه الشيخ بهاء الدين وقال له يا مولاً ذا نصب كثير فقال له الشيخ ركن الدين بتلك الحدة المعروفة منه والنفرة أنا ما أعرف الذي تريده أنت من رفع هذه الأشياء ؟ على أنها أخبار لمتدآت مقدرة أي أهذا فتكات لحظات أم كذا أم كذا وأنا الذي أقوله أغزل وأمدح وتقديره أأقاسي فتكات لحظك أم أقاسي سيوف أبيك وأرشف كؤس خمرك أم مراشف فيك فأخجل الشيخ بهاء الدين وقال له يا مولاً فلأي شيء ما تتصدر وتشغل الناس فقال استخفافاً بالنحو واحتقاراً له وأيش النحو في الدنيا أو كما قال وأخبرني أيضاً قال : كنت وأنا وشمس الدين ابن الأكفاني نأخذ عليه في المباحث المشرقية فأبيت ليلتي أفكر في الدرس الذي نصبح نأخذه عليه وأجهد قريحتي وأعمل تعقلي وفهمي إلى أن يظهر لي شيء أجزم بأن المراد به هذا فإذا تكلم الشيخ ركن الدين كنت أنا في واد في بارحتي وهو في واد أو كما قال : وأخبرني تاج الدين المراكشي قال قال لي الشيخ ركن الدين لما أوقفني الشيخ فتح الدين ابن سيد الناس على السيرة التي عملها علمت فيها على مائة وأربعين موضعاً أو مائة وعشرين السهو مني أو كما قال ولقد رأيته مرات يواقف الشيخ فتح الدين في أسماء رجال ويكشف عليها فيظهر معه الصواب وكنت يوماً أنا وهو عند الشيخ فتح الدين فقال قال الشيخ تقي الدين ابن تيمية عمل ابن الخطيب أصولاً في الدين الأصول أعوذ بالله من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم قل هو الله أحد إلى آخرها فنفر الشيخ ركن الدين وقال قل له يا عرة علم الناس وصنفوا وما أفكروا فيك ونهض قائماً وولي مغضباً وأخبرني الشيخ فتح الدين قال : جاء إليه إنسان يصحح عليه في أمالي القالي فأخذ الشيخ ركن الدين يسابقه إلى ألفاظ الكتاب فبهت ذلك الرجل فقال له لي عشرون سنة ما كررت عليها وكان إذا أنشده أحد شيئاً في أي معنى كان أنشد فيه جملة للمتقدمين والمتأخرين كان الجميع كان البارحة يكرر عليه وتولى نيابة الحكم للقاضي المالكي بالقاهرة مدة ثم تركها تديناً منه وقال يتعذر فيها براءة الذمة وكان سيرته فيها حسنة لم يسمع عنه أنه ارتشى في حكم لا حابى وكان يدرس في المدرسة المنكتمرية بالقاهرة ويدرس الطب بالبيمارستان المنصوري وينام أول الليل ثم يستفيق وقد أخذ راحة ويتناول كتاب الشفاء لابن سينا ينظر فيه لا يكاد يخل بذلك قال الشيخ فتح الدين قلت له يوماً يا شيخ ركن الدين إلى متى تنظر في هذا الكتاب فقال إنما أريد أن اهتدي وكان فيه سأم وملل وضجر حتى في لعب الشطرنج يكون في وسط الدست وقد نفضه وقطع لذة صاحبه ويقول سئمت سئمت وكذلك في بعض الأوقات يكون في بحث وقد حرر لك المسألة وكادت تنضج فيترك الكلام ويمضي وكان حسن التودد يتردد إلى الناس ويهنيهم بالشهور والمواسم من غير حاجة إلى أحد لأنه كان معه مال له صورة ما يقارب الخمسين ألف درهم وكان يتصدق سراً على أناس مخصوصين ولثغته بالراء قبيحة يجعلها همزة وكان إذا رأى أحداً يضرب كلباً أو يؤذيه يخاصمه وينهره ويقول ليش تفعل ذا أما هو شركيك في الحيوانية وكان خطه على وضع المغاربة وليس بحسن وسمع بدمشق سنة إحدى وتسعين وست مائة على المسند تقي الدين ابن الواسطي واستجزته سنة ثمان وعشرين وسبع مائة بالقاهرة باستدعاء فيه نثر نظم فأجاب وأجاز وأجاد بنثر نظم أنشدني لنفسه إجازة ومن خطه ثقلت : .
جوى يتلظى في الفؤاد استعاره ... ودمع هتون لا يكف انهماره .
يحاول هذا برد ذاك بصوبه ... وليس بماء العين تطفأ ناره .
ولوعاً بمن حاز الجمال بأسره ... بحاز الفؤاد المستهام إساره .
كلفت به بدري ما فوق طوقه ... ودغص ما يثنى عليه إزاره .
غزال له صدري كناس ومرع ... ومن حب قلبي شيح وعراره .
من السمر يبدي عدمي الصبر خده ... إذا ما بدا ياقوته ونضاره .
جرى سابحاً ماء الشباب بروضه ... فأزهر فيه ورده وبهاره .
يشب ضراماً في حشاي نعيمه ... فيبدو بأنفاسي الصعاد شراره .
وينثر دمعي منه نظم موشر ... كنور الأقاحي حفه جلناره .
يعل بعذب من برود رضابه ... تفاوح فيه مسكه وعقاره