وقال المعتصم يوماً للفضل بن مروان وقد أراد الخروج إلى القاطول : غلماني تحت السماء ما لهم شيء يكنهم فابن لهم غداً أربعة آلاف بيت . فخرج مفكراً فلقه أحمد بن المدبر فسأله عن غمّه فقال : إنما أمرك أ تشتري لهم أربعة آلاف لبادة ليستكنوا فيها فاشترى لهم ماوجد وتقدم في عمل الباقي لمن بقي فلما أصبح المعتصم ورآها على غلمانه قال للفضل : أحسنت بهذا أمرتك . وقيل إن أحمد بن المدبّر قال : حبست في حبس لابن طولون ضيّق وكان خلق وبعضنا على بعض فحبس معنا أعرابي فلم يجد مكاناً يقعد فيه فقال : يا قوم لقد خفت من كلّ شيء إلا أني ما خفت قط ألا يكون لي موضع من الأرض في الحبس أقعد فيه ولا خطر ذلك ببالي فاستعيذوا بالله من حالنا . وقال يموت ابن المزرع : كان أحمد بن المدّبر إذا مدحه شاعر لم يرض شعره قال لغلامه امض به إلى الجامع فلا تفارقه حتى يصلي مائة ركعة ثمّ خلّه فتحاماه الشعراء إلا الأفراد المجيدون فجاءه الجمل المصري واسمه حيسن فاستأذنه في النشيد فقال : قد عرفت الشرط ؟ قال : نعم قال : فهات إذاً فأنشده : .
أردنا في أبي حسنٍ مديحاً ... كما بالمدح تنتجع الولاة .
فقلنا أكرم الثقلين طرّاً ... ومن كفّاه دجلة والفرات .
فقالوا يقبل المدحات لكن ... جوائزه عليهن الصلاة .
فقلت لهم وما يغني عيالي ... صلاتي إنما الشأن الزكاة .
فيأمر لي بكسر الصاد منها ... فتضحي لي الصّلاة هي الصّلات .
فضحك وقال له : من أين لك هذا ؟ قال : من قول أبي تمام الطائي : .
هنّ الحمام فأن كسرت عيافةً ... من حائهن فإنهنَّ حمام .
فاستظرفه ووصله .
؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ؟ مهذّب الدولة أمير البطيحة .
أحمد بن محمد بن عبيد بن جبر بن سليمان وهو أبو الجبر ابن منصور بن إسماعيل بن مالك بن طريف ينتهي إلى معدّ بن عدنان أبو العباس الملقّب بمهذّب الدولة أمير البطيحة وعالمها وبيته يعرف ببيت أبي الجبر ؛ تولّى النظر بواسط مضافاً إلى إمارة البطيحة وأقام بها وكان أديباً فاضلاً له معرفة بأيام الناس وله ديوان شعر ولم يزل آباؤه وأجداده أمراء بالبطيحة . توفي ببغداذ سنة ثمانٍ وخمسمائة . مدح الإمام المستظهر بالله بقصيدة أولها : .
ياحبذا رمل الكثيب الراسي ... وظلال دوح يفاعه الميّاس .
وغياث وادي الروضتين وحزنه ... ملهى ظباء كنائس وكناس .
مشتًى ومرتبع لهندٍ والهوى ... عذب الموارد مسفر الإيناس .
منها : .
فدع المنازل وادّ كارك عهدها ... واعمل لنجع الوابل الرجّاس .
فبأحمد المستظهر الباني العلى ... ذي الطّل مدراها أبي العباس .
المستقل بعبء كلّ ملمّةٍ ... قدحت بطخيتها بلا مقباس .
نجل الخلائف والذي درع الندى ... من جوده قبل البخيل القاسي .
بالمقتدي خلف الذخيرة ان دعي ... والقائم ابن القادر القنعاس .
عارٍ من الفحشاء حالٍ بالتقي ... والنسك أنفس ما ارتداه الكاسي .
قلت : شعر متوسط .
؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ؟ واعظ تكريت .
أحمد بن محمد بن عبد الرحمن محيي الدين المعروف بواعظ تكريت . كان ظريفاً لطيفاً دمث الأخلاق كثير الجد والهزل وحصّل بذلك دنيا عريضة . حضر إلى الشام في الدولة الناصرية يوسف ووعظ بحلب ثمّ بدمشق وكان يلازم وجيه الدين بن سويد التكريتي وأحضره مجلس الناصر بدمشق وتكلم ووعظ فأعجب السلطان وحضر مراراً ووصله بدراهم ودنانير . وكان يوماً عند وجيه الدين وولده الكبير حاضر وسيف الدين السامري فقال وجيه الدين : عظنا يا محيي الدين فوعظ بجدّ ثمّ خرج إلى الهزل وأضحكهم . فقال وجيه الدين : امدحوا واعظنا فقال تاج الدين ابن سويد : .
واعظ كريتٍ إذا ما رأى ... علقاً جرى في إثره حافي .
يدرس إن لاحت له قودة ... كالدرس في المقنع والكافي .
وقال سيف الدين السامر : .
أيها الواعظ الذي هو قطب ... لجميع اللّواط والفساق .
نجس الشام منذ أصبحت فيه ... واعظاً مضمراً لكلّ نفاق .
ولقد أفلحت ببعدك تكري ... ت وأعمالها وأرض العراق