أحمد بن محمد بن الحسين بن علي الشيرازي الحاجي أبو بكر بن أبي عبد الله . هو القاضي ناصح الدين الأرجاني بتشديد الراء والجيم المفتوحة كان أحد أفاضل الزمان لطيف العبارة غواصاً على المعاني إذا ظفر على المعنى لا يدع فيه لمن بعده فضلاً كامل الأوصاف قال أبو القاسم هبة الله بن الفضل الشاعر : كان الغزي صاحب معنىً لا لفظ وكان الأبيوردي صاحب لفظ لا معنى وكان القاضي أبو بكر الأرجاني قد جمعهما أعني اللفظ والمعنى . قال ابن الخشاب : الأمر كما قال : أشعارهم تصدق هذا الحكم إذا تؤملت . كان في عنفوان شبابه بالمدرسة النظامية بأصبهان ولم يزل نائب القاضي بعسكر مكرم وهو مبجل مكرم وهو من سمع وروى . ومن شعره : .
ومن النوائب أنني ... في مثل هذا الشغل نائب .
ومن العجائب أن لي ... صبراً على هذي العجائب .
وكان فقيهاً شاعراً ولذلك قال : .
أنا أفقه الشعراء غير مدافع ... في العصر لا بل أشعر الفقهاء .
وقدم بغداذ مرات ومدح الإمام المستظهر وسديد الدين ابن الأنباري والعزيز عم العماد الكاتب ومن شعره وهو غريب : .
رثى لي وقد ساويته في نحوله ... خيالي لما لم يكن لي راحم .
فدلس بي حتى طرقت مكانه ... وأوهمت إلفي أنه بي حالم .
وبتنا ولم يشعر بنا الناس ليلةً ... أنا ساهرٌ في جفنه وهو نائم .
ومنه والثاني منه يقرأ مقلوباً : .
أحب المرء ظاهره جميلٌ ... لصاحبه وباطنه سليم .
مودته تدوم لكل هولٍ ... وهل كلٌّ مودته تدوم .
ومن قصائده الطنانة : .
سهام نواظرٍ تصمي الرمايا ... وهن من الحواجب في حنايا .
ومن عجبٍ سهامٌ لم تفارق ... حناياها وقد أصمت حشايا .
نهيتك أن تناضلها فإني ... رميت فلم يصب سهمي سوايا .
جعلت طليعتي طرفي سفاهاً ... فدل على مقاتلي الخفايا .
وهل يحمى حريمٌ من عدوٍ ... إذا ما الجيش خانته الرمايا .
ويوم عرضت جيش الصبر حتى ... أشنّ به على وجدي سرايا .
هززن من القدود لنا رماحاً ... فخلينا القلوب لها درايا .
وأبكى العين شتى من عيونٍ ... فكان سوى مدامعي البكايا .
ولي نفسٌ إذا ما امتد شوقاً ... أطار القلب من حرقٍ شظايا .
ودمعٌ ينصر الواشين ظلماً ... ويظهر من سرائري الخبايا .
ومحتكمٍ على العشاق جوراً ... وأين من الدمى عدل القضايا .
يريك بوجنتيه الورد غضّاً ... ونور الأقحوان من الثنايا .
تأمل منه تحت الصدغ خالاً ... لتلعم كم خبايا في الزوايا .
ولا تلم المتيم في هواه ... فلوم العاشقين من الخطايا .
خطبت وصاله الممنوع حتى ... أثرت به على قلبي بلايا .
فأرق مقلتي وجداً وشوقاً ... وعذّب مهجتي هجراً ونايا .
وأتعب سائري إذ رق قلبي ... وفي ضعف الملوك أذى الرعايا .
تغنم صحبتي يا صاح إني ... نزعت عن الصبا إلا بقايا .
وخالف من تنسك من رجالٍ ... لقوك بأكبد الإبل الأبايا .
ولا تسلك سوى طرقي فإني ... أنا ابن جلا وطلاع الثنايا .
وقم نأخذ من اللذات حظاً ... فإنا سوف تدركنا المنايا .
وساعد زمرةً ركنوا إليها ... فآبوا بالنهاب وبالسبايا .
وأهد إلى الوزير المدح يجعل ... لك المرباع منها والصفايا .
وقل للسائرين إلى ذراه ... ألستم خير من ركب المطايا .
قلت : لا يخفى على من له ذوق حسن هذا التضمين الذي في هذه الأبيات . وله قصيدة يصف فيها الشمعة أحسن فيها كل الإحسان كل الإحسان وقد استغرق سائر الصفات ولم يكد يخلي لمن بعده فضلاً كما فعل ابن الرومي في قصيدته القافية في وصف السوداء وقصيدة الأرجاني : .
نمت بأسرار ليلٍ كان يخفيها ... وأطلعت قلبها للناس من فيها