قال ابن اسحاق وذلك أن قصيا فرضه عليهم فقال لهم يا معشر قريش إنكم جيران الله وأهل مكة وأهل الحرم وأن الحجاج ضيف الله وزوار بيته وهم أحق بالضيافة فاجعلوا لهم طعاما وشرابا أيام الحج حتى يصدروا عنكم ففعلوا فكانوا يخرجون لذلك في كل عام من أموالهم خرجا فيدفعونه إليه فيصنعه طعاما للناس أيام منى فجرى ذلك من أمره في الجاهلية حتى قام الإسلام ثم جرى في الإسلام إلى يومك هذا فهو الطعام الذي يصنعه السلطان كل عام بمنى للناس حتى ينقضي الحج .
قلت ثم انقطع هذا بعد ابن اسحاق ثم أمر بإخراج طائفة من بيت المال فيصرف في حمل زاد وماء لأبناء السبيل القاصدين إلى الحج وهذا صنيع حسن من وجوه يطول ذكرها ولكن الواجب أن يكون ذلك من خالص بيت المال من أحل ما فيه والأولى أن يكون من جوالي الذمة لأنهم لا يحجون البيت العتيق وقد جاء في الحديث من استطاع الحج فلم يحج فليمت إن شاء يهوديا أو نصرانيا .
وقال قائلهم في مدح قصي وشرفه في قومه ... قصي لعمري كان يدعى مجمعا ... به جمع الله القبائل من فهر ... همو املؤا البطحاء مجدا وسؤددا ... وهم طردوا عنا غواة بني بكر ... .
قال ابن اسحاق ولما فرغ قصي من حربه انصرف أخوه رزاح بن ربيعة إلى بلاده بمن معه وإخوته من أبيه الثلاثة وهم حن ومحمود وجلهمة قال رزاح في إجابته قصيا ... ولما أتى من قصي رسول ... فقال الرسول أجيبوا الخليلا ... نهضنا إليه نقود الجياد ... ونطرح عنا الملول الثقيلا ... نسير بها الليل حتى الصباح ... ونكمي النهار لئلا نزولا ... فهن سراع كورد القطا ... يجبن بنا من قصي رسولا ... جمعنا من السرمن اشمذين ( 1 ) ... ومن كل حي جمعنا قبيلا ... فيالك حلبة ما ليلة ... تزيد على الألف سيبا رسيلا ... فلما مررن على عسجر ... وأسهلن من مستناخ سبيلا ... وجاوزن بالركن من ورقان ... وجاوزن بالعرج حيا حلولا ... مررن على الحلي ما ذقنه ... وعالجن من مر ليلا طويلا ... ندني من العوذ أفلاءها ... ارادة أن يسترقن الصهيلا ... فلما انتهينا إلى مكة ... أبحنا الرجال قبيلا قبيلا ... نعاورهم ثم حد السيوف ... وفي كل أوب خلسنا العقولا