وفي يوم الخميس منتصف ربيع الاول اجتمع قاضي القضاة شمس الدين بن مسلم بالشيخ الامام العلامة تقي الدين بن تيمية وأشار عليه في ترك الافتاء في مسألة الحلف بالطلاق فقبل الشيخ نصيحته وأجاب إلى ما اشار به رعاية لخاطره وخواطر الجماعة المفتيين ثم ورد البريد في مستهل جمادي الاولى بكتاب من السلطان فيه منع الشيخ تقي الدين من الافتاء في مسألة الحلف بالطلاق وانعقد بذلك مجلس وانفصل الحال على ما رسم به السلطان ونودي به في البلد وكان قبل قدوم المرسوم قد اجتمع بالقاضي ابن مسلم الحنبلي جماعة من المفتيين الكبار وقالوا له أن ينصح الشيخ في ترك الافتاء في مسألة الطلاق فعلم الشيخ نصيحته وأنه إنما قصد بذلك ترك ثوران فتنة وشر وفي عاشره جاء البريد إلى صفت بمسك سيف الدين طغاي وتولية بدر الدين القرماني نيابة حمص .
وفي هذا الشهر كان مقتل رشيد الدولة فضل الله بن أبي الخير بن عالي الهمداني كان أصله يهوديا عطارا فتقدم بالطب وشملته السعادة حتى كان عند خربندا الجزء الذي لا يتجزأ وعلت رتبته وكلمته وتولى مناصب الوزراء وحصل له من الاموال والأملاك والسعادة مالا يحد ولا يوصف وكان قد أظهر الاسلام وكانت لديه فضائل جمة وقد فسر القرآن وصنف كتبا كثيرة وكان له اولاد وثروة عظيمة وبلغ الثمانين من العمر وكانت له يد جيدة يوم الرحبة فإنه صانع عن المسلمين وأتقن القضية في رجوع ملك التتار عن البلاد الشامية سنة ثنتي عشرة كما تقدم وكان يناصح الاسلام ولكن قد نال منه خلق كثير من الناس واتهموه على الدين وتكلموا في تفسيره هذا ولا شك أنه كان مخبطا مخلطا وليس لديه علم نافع ولا عمل صالح ولما تولى أبو سعيد المملكة عزله وبقي مدة خاملا ثم استدعاه جوبان وقال له أنت سقيت السلطان خربندا سما فقال له أنا كنت في غاية الحقارة والذلة فصرت في أيامه وأيام أبيه في غاية العظمة والعزة فكيف أعمد إلى سقيه والحالة هذه فأحضرت الاطباء فذكروا صورة مرض خربندا وصفته وأن الرشيد أشار باسهاله لما عنده في باطنه من الحواصل فانطلق باطنه نحوا من سبعين مجلسا فمات بذلك على وجه أنه أخطأ في الطب فقال فأنت إذا قتلته فقتله وولده إبراهيم واحتيط على حواصله وامواله فبلغت شيئا كثيرا وقطعت أعضاؤه وحمل كل جزء منها إلى بلدة ونودي على رأسه بتبريز هذا رأس اليهودي الذي بدل كلام الله لعنه الله ثم أحرقت جثته وكان القائم عليه على شاه .
وفي هذا الشهر أعني جمادي الاولى تولى قضاء المالكية بمصر تقي الدين الاخنائي عوضا عن زين الدين بن مخلوف توفي عن اربع وثمانين سنة وله في الحكم ثلاث وثلاثون سنة وفي يوم الخميس عاشر رجب لبس صلاح الدين يوسف بن الملك الاوحد خلعة الامرة بمرسوم السلطان