ثم ابتهل الناس من غير دعاية واستسقاية فسقوا ثم عزل الفاروثي بعد أيام بالخطيب موفق الدين أبي المعالي محمد بن محمد بن محمد بن عبد المنعم بن حسن المهراني الحموي كان خطيب حماة ثم نقل إلى دمشق في هذه السنة فقام وخطب وتألم الفاروثي لذلك ودخل على السلطان واعتقد أن الوزير عزله من غير علمه فإذا هو قد شعر لذلك واعتذار بأنه إنما عزله لضعفه فذكر له أن يصلي ليلة النصف مائة ركعة بمائة قل هو الله أحد فلم يقبلوا واستمروا بالحموي وهذه دناءة وقلة عقل وعدم إخلاص من الفاروثي واصاب السلطان في عزله .
وفي هذا اليوم قبض السلطان على الأمير سنقر الأشقر وغيره فهرب هو والأمير حسام الدين لاجين السلحداري فنادت عليه المنادية بدمشق من أحضره فله ألف دينار ومن أخفاه شنق وركب السلطان ومماليكه في طلبه وصلى الخطيب بالناس في الميدان الأخضر وعلى الناس كآبة بسبب تفرق الكلمة واضطراب الجيش واختبط الناس فلما كان سادس شوال أمسكت العرب سنقر الأشقر فردوه على السلطان فأرسله مقيدا إلى مصر وفي هذا اليوم ولى السلطان نيابة دمشق لعز الدين أيبك الحموي عوضا عن الشجاعي وقدم الشجاعي من الروم ثاني يوم عزله فتلقاه الفاروثي فقال قد عزلنا من الخطابة فقال ونحن من النيابة فقال الفاروثي عسى ربكم أن يهلك عدوكم ويستخلفكم في الارض فينظر كيف تعملون فلما بلغ ابن السلعوس تغضب عليه وكان قد عين له القيمرية فترك ذلك وسافر السلطان عاشر شوال إلى مصر فدخلها في أبهة الملك وفي يوم دخوله أقطع قرا سنقر مائة فارس بمصر عوضا عن نيابة حلب وفي هذه السنة اشترى الأمير سيف الدين طغاي الأشقري قيسارية القطن المعروفة بإنشاء الملك المعظم بن العادل من بيت المال بمرسوم من السلطان وكان حظيا عنده ونقل سوق الحريريين تلك المدة إليها وكان السلطان قد أفرج عن علم الدين الدويداري بعد رجوعه من قلعة الروم واستحضره إلى دمشق وخلع عليه واستصحبه معه إلى القاهرة وأقطعه مائة فارس وولاه مشد الدواوين مكرها .
وفي ذي القعدة استحضر السلطان سنقر الأشقر وطقصوا فعاقبهما فاعترفا بأنهما أرادا قتله فسألهما عن لاجين فقالا لم يكن معنا ولا علم له بهذا فخنقهما واطلقه بعد ما جعل الوتر في حلقه وكان قد بقي له مدة لا بد أن يبلغها وقد ملك بعد ذلك كما سنذكره إن شاء الله تعالى .
وفي ذي الحجة عقد الشيخ برهان الدين بن الشيخ تاج الدين عقده على بنت قاضي القضاة شهاب الدين الخوبي بالبادرائية وكان حافلا وفيها دخل الامير سنقر الاعسر على بنت الوزير شمس الدين بن السلعوس على صداق ألف دينار وعجل لها خمسمائة وفيها قفز جماعة من التتر نحوا من ثلثمائة إلى الديار المصرية فأكرموا