في رأس اجيلين نار عظيمة مثل المدينة العظيمة ومابانت لنا إلا ليلة السبت وأشفقنا منها وخفنا خوفا عظيما وطلعت إلى الامير كلمته وقلت له قد احاط بنا العذاب ارجع إلى الله تعالى فاعتق كل مماليكه ورد على جماعة أموالهم فلما فعل ذلك قلت اهبط الساعة معنا إلى النبي A فهبط وبتنا ليلة السبت والناس جميعهم والنسوان واولادهم وما بقي احد لا في النخيل ولا في المدينة إلا عند النبي A ثم سال منها نهر من نار وأخذ في وادي اجيلين وسد الطريق ثم طلع إلى بحرة الحاج وهو بحر نار يجري وفوقه جمر يسير إلى أن قطعت الوادي وادي الشظا وما عاد يجيء في الوادي سيل قط لأنها حضرته نحو قامتين وثلث علوها والله يا أخي إن عيشتنا اليوم مكدرة والمدينة قد تاب جميع أهلها ولا بقي يسمع فيها رباب ولا دف ولا شرب وتمت النار تسيل إلى أن سدت بعض طريق الحاج وبعض بحرة الحاج وجاء في الوادي إلينا منها يسير وخفنا أنه يجيئنا فاجتمع الناس ودخلوا على النبي A وتابوا عنده جميعهم ليلة الجمعة وأما قتيرها الذي مما يلينا فقد طفيء بقدرة الله وأنها إلى الساعة وما نقصت إلا ترى مثل الجمال حجارة ولها دوي ما يدعنا نرقد ولا نأكل ولا نشرب وما أقدر أصف لك عظمها ولا ما فيها من الاهوال وأبصرها أهل ينبع وندبوا قاضيهم ابن أسعد وجاء وعدا إليها وما صبح يقدر يصفها من عظمها وكتب الكتاب يوم خامس رجب وهي على حالها والناس منها خائفون والشمس والقمر من يوم ما طلعت ما يطلعان إلا كاسفين فنسأل الله العافية .
قال أبو شامة وبان عندنا بدمشق أثر الكسوف من ضعف نورها على الحيطان وكنا حيارى من ذلك إيش هو إلى أن جاءنا هذا الخبر عن هذه النار .
قلت وكان أبو شامة قد أرخ قبل مجيء الكتب بأمر هذه النار فقال وفيها في ليلة الاثنين السادس عشر من جمادي الاخرة خسف القمر أول الليل وكان شديد الحمرة ثم انجلى وكسفت الشمس وفي غده احمرت وقت طلوعها وغروبها وبقيت كذلك اياما متغيرة اللون ضعيفة النور والله على كل شيء قدير ثم قال واتضح بذلك ما صوره الشافعي من اجتماع الكسوف والعيد واستبعده اهل النجامة .
ثم قال أبو شامة ومن كتاب آخر من بعض بني الفاشاني بالمدينة يقول فيه وصل إلينا في جمادي الاخرة نجابة من العراق وأخبروا عن بغداد أنه أصابها غرق عظيم حتى طفح الماء من أعلى أسوار بغداد إليها وغرق كثير منها ودخل الماء دار الخلافة وسط البلد وانهدمت دار الوزير وثلثمائة وثمانون دارا وانهدم مخزن الخليفة وهلك من خزانة السلاح شيئ كثير وأشرف الناس