شبرا من اراضي تلك المملكة إلا ملتمسا لمعاونتك ومظاهرتك وإما أن تحافظ على شخصه الغالي يتحويله من القلعة إلى حين نحظى بخدمته فليمتثل ذلك ويكون الأمير الجليل مخيرا بين أن يلقانا أو يقيم حيث شاء فنوليه العراق كلها ونستخلفه في الخدمة الإمامية ونصرف أعيننا إلى الممالك الشرقية فهمتنا لا تقتضي إلا هذا فعند ذلك كتب قريش إلى مهاوش بن مجلي الذي عنده الخليفة يقول له إن المصلحة تقتضي تسليم الخليفة إلي حتى آخذ لي ولك به أمانا فامتنع عليه مهاوش وقال قد غرني البساسيري ووعدني بأشياء لم أرها ولست بمرسله إليك أبدا وله في عنقي أيمان كثيرة لا أغدرها وكان مهارش هذا رجلا صالحا فقال للخليفة إن المصلحة تقتضي أن نسير إلى بلد بدر بن مهلهل وننظر ما يكون من أمر السلطان طغرلبك فإن ظهر دخلنا بغداد وإن كانت الأخرى نظرنا لأنفسنا فإني أخشى من البساسيري أن يأتينا فيحضرنا فقال له الخليفة افعل ما فيه المصلحة فسارا في الحادي عشر من ذي القعدة إلى أن حصلا بقلعة تل عكبرا فتلقته رسل السلطان طغرلبك بالهدايا التي كان أنفذها وجاءت الأخبار بأن السلطان طغرلبك قد دخل بغداد وكان يوما مشهودا غير أن الجيش نهبوا البلد غير دار الخليفة وصودر خلق كثير من التجار وأخذت منهم أموال كثيرة وشرعوا في عمارة دار الملك وأرسل السلطان إلى الخليفة مراكب كثيرة من أنواع الخيول وغيرها وسرادق وملابس وما يليق بالخليفة في السفر أرسل ذلك مع الوزير عميد الملك الكندري ولما انتهوا إلى الخليفة أرسلوا بتلك الآلات إليه قبل أن يصلوا إليه وقالوا اضربوا السرادق وليلبس الخليفة ما يليق به ثم نجيء نحن ونستأذن عليه فلا يأذن لنا إلا بعد ساعة طويلة فلما فعلوا ذلك دخل الوزير ومن معه فقبلوا الأرض بين يديه وأخبروه بسرور السلطان بسلامته وبما حصل من العود إلى بغداد وكتب عميد الملك كتابا إلى السلطان يعلمه بصفة ما جرى وأحب أن يضع الخليفة علامته في أعلا الكتاب ليكون أقر لعين السلطان وأحضر الوزير دواته ومعها سيف الدولة وقال هذه خدمة السيف والقلم فأعجب الخليفة ذلك وترحلوا من منزلهم ذلك بعد يومين فلما وصلوا النهروان خرج السلطان لتلقي الخليفة فلما وصل السلطان إلى سرادق الخليفة قبل الأرض سبع مرات بين يدي الخليفة فأخذ الخليفة مخدة فوضعها بين يديه فأخذها الملك فقبلها ثم جلس عليها كما أشار الخليفة وقدم الخليفة الحبل الياقوت الأحمر الذي كان لبني بويه فوضعه بين يديه وأخرج اثنتي عشرة حبة من لؤلؤ كبار وقال أرسلان خاتون يعني زوجة الملك تخدم الخليفة وسأله أن يسبح بهذه المسبحة وجعل يعتذر من تأخره عن الحضرة بسسب عصيان أخيه فقتله واتفق موت أخي الأكبر أيضا فاشتغلت بترتيب أولاده من بعده وأنا شاكر لمهارش بما كان منه من خدمة