الحجيج كله بسببهما فلم يتعرض أحد من الأعراب لهم وذهب الناس إلى الحج سالمون شاكرون لذينك الرجلين المقرئين ولما وقف الناس بعرفات قرأ هذان الرجلان قراءة عظيمة على جبل الرحمة فضج الناس بالبكاء من سائر الركوب لقراءتهما وقالوا لأهل العراق ما كان ينبغي لكم أن تخرجوا معكم بهذين الرجلين في سفرة واحدة لاحتمال أن يصابا جميعا بل كان ينبغي أن تخرجوا بأحدهما وتدعوا الآخر فإذا أصيب سلم الآخر وكانت الحجة والخطبة للمصرييين كما هي لهم من سنين متقدمة وقد كان أمير العراق عزم على العود سريعا إلى بغداد على طريقهم التي جاؤا منها وأن لا يسيروا إلى المدينة النبوية خوفا من الأعراب وكثرة الخفارات فشق ذلك على الناس فوقف هذان الرجلان يقرآن على جادة الطريق التي منها يعدل إلى المدينة النبوية وقرآ ما كان لأهل المدينة ومن حولهم من الأعراب أن يتخلفوا عن رسول الله ولا يرغبوا بأنفسهم عن نفسه الآيات فضج الناس بالبكاء وأمالت النوق أعناقها نحوهما فمال الناس بأجمعهم والامير إلى المدينة النبوية فزاروا وعادوا سالمين إلى بلادهم ولله الحمد والمنة ولما رجع هذان القارئان رتبهما ولي الأمر مع أبي بكر بن البهلول وكان مقرئا مجيدا أيضا ليصلوا بالناس صلاة التراويح في رمضان فكثر الجمع وراءهم لحسن تلاوتهم وكانوا يطيلون الصلاة جدا ويتناوبون في الإمامة يقرؤون في كل ركعة بقدر ثلاثين آية والناس لا يصرفون من التراويح إلا في الثلث الأول من الليل أو قريب النصف منه وقد قرأ ابن البهلول يوما في جامع المنصور قوله تعالى ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله وما نزل من الحق فنهض إليه رجل صوفي وهو يتمايل فقال كيف قلت فأعاد الآية فقال الصوفي بلى والله وسقط ميتا C قال ابن الجوزي وكذلك وقع لأبي الحسن بن الخشاب شيخ ابن الرفا وكان تلميذا لأبي بكر بن الأدمي المتقدم ذكره وكان جيد القراءة حسن الصوت أيضا قرأ ابن الخشاب هذا في جامع الرصافة في الأحياء هذه الآية ألم يأن للذين آمنوا فتواجد رجل صوفي وقال بلى والله قد آن وجلس وبكى بكاء طويلا ثم سكت سكتة فإذا هو ميت C وممن توفي فيها من الأعيان .
أبو علي الاسكافي .
ويلقب بالموفق وكان مقدما عند بهاء الدولة فولاه بغداد فأخذ أموالا كثيرة من اليهود ثم هرب إلى البطيحة فأقام بها سنتين ثم قدم بغداد فولاه بهاء الدولة الوزارة وكان شهما منصورا في الحرب ثم عاقبه بعد ذلك وقتله في هذه السنة عن تسع وأربعين سنة .
ثم ( خلت سنة خمس وتسعين وثلثمائة .
فيها عاد مهذب الدولة إلى البطيحة ولم يمانعه ابن واصل وقرر عليه في كل سنة لبهاء الدولة