قال لخادمه قد كان علي درهم مظلمة فتصدقت عن صاحبه بألوف ومع هذا ما على قلبي شغل أعظم منه ثم أمره بأن يوضئه فوضأه وترك تخليل لحيته فرفع الشبلي يده وقد كان اعتقل لسانه فجعل يخلل لحيته وذكره ابن خلكان في الوفيات وحكى عنه أنه دخل يوما على الجنيد فوقف بين يديه وصفق بيديه وأنشد ... عودوني الوصال والوصل عذب ... ورموني بالصد والصد أصعب ... زعموا حين اعتبوا أن جرمي ... فرط حبي لهم وما ذاك ذنب ... لا وحق الخضوع عند التلاقي ... ما جزاء من يحب الا يحب ... وذكر عنه قال رأيت مجنونا على باب جامع الرصافة يوم جمعة عريانا وهو يقول أنا مجنون الله فقلت ألا تستتر وتدخل إلى الجامع فتصلى الجمعة فقال ... يقولون زرنا واقض واجب حقنا ... وقد اسقطت حالي حقوقهم عني ... إذا أبصروا حالي ولم يأنفوا لها ... ولم يأنفوا مني أنفت لهم مني ... وذكر الخطيب في تاريخه عنه أنه انشد لنفسه فقال ... مضيت الشبيبة والحبيبة فانبري ... دمعان في الأجفان يزدحمان ... ما أنصفتني الحادثات رمينني ... بمودعين وليس لي قلبان ... كان وفاته C تعالى C تعالى الله ليلة الجمعة لليلتين بقيتا من هذه السنة وله سبع وثمانون سنة ودفن في مقبرة الخيزران ببغداد والله أعلم .
ثم دخلت سنة خمس وثلاثين وثلاثمائة .
في هذه السنة استقر أمر الخليفة المطيع لله في دار الخلافة واصطلح معز الدولة بن بويه وناصر الدولة بن حمدان على ذلك ثم حارب ناصر الدولة تكين التركي فاقتتلا مرات متعددة ثم ظفر ناصر الدولة بتكين فسمل بين يديه واستقر أمره بالموصل والجزيرة واستحوذ ركن الدولة على الري وانتزعها من الخراسانية واتسعت مملكة بني بويه جدا فإنه صار بأيديهم أعمال الري والجبل وأصبهان وفارس والأهواز والعراق ويحمل إليهم ضمان الموصل وديار ربيعة من الجزيرة وغيرها ثم اقتتل جيش معز الدولة وجيش أبي القاسم البريدي فهزم أصحاب البريدي وأسر من أعيانهم جماعة كثيرة وفيها وقع الفداء بين الروم والمسلمين على يد نصر المستملي أمير الثغور لسيف الدولة بن حمدان فكان عدة الأسارى نحوا من ألفين وخمسمائة مسلم ولله الحمد والمنة وممن توفي فيها من الأعيان .
الحسين بن حموية بن الحسين .
القاضي الاستراباذي روى الكثير وحدث وكان له مجلس للإملاء وحكم ببلده مدة طويلة