البريدي حدثته نفسه ببغداد فأنفق المتقي أموالا جزيلة في الجند ليمنعوه من ذلك فركب بنفسه فخرج أثناء الطريق ليمنعه من دخول بغداد فخالفه البريدي ودخل بغداد في ثاني رمضان ونزل بالشفيع فلما تحقق المتقي ذلك بعث إليه يهنئه وأرسل إليه بالأطعمة وخوطب بالوزير ولم يخاطبه بإمرة الأمراء فأرسل البريدي يطلب من المتقي خمسمائة ألف دينار فامتنع الخليفة من ذلك فبعث إليه يتهدده ويتوعده ويذكره ما حل بالمعز والمستعين والمهتدي والقاهر واختلفت الرسل بينهم ثم كان آخر ذلك أن بعث الخليفة إليه بذلك قهرا ولم يتفق اجتماع الخليفة والبريدي ببغداد حتى خرج منها البريدي إلى واسط وذلك أنه ثارت عليه الديالمة والتفوا على كبيرهم كورتكين وراموا حريق دار البريدي ونفرت عن البريدي طائفة من جيشه يقال لهم البجكمية لأنه لما قبض المال من الخليفة لم يعطهم منه شيئا وكانت من البجكمية طائفة أخرى قد اختلفت معه أيضا وهم والديالمة قد صاروا حزبين والفتوا مع الديالمة فانهزم البريدي من بغداد يوم سلخ رمضان واستولى كورتكين على الأمور ببغداد ودخل إلى المتقي فقلده إمرة الأمراء وخلع عليه واستدعى المتقي علي بن عيسى وأخاه عبدالرحمن ففوض إلى عبدالرحمن تدبير الأمور من غير تسمية بوزارة ثم قبض كورتكين على رئيس الأتراك بكبك غلام بجكم وغرقة ثم تظلمت العامة من الديلم لأنهم كانوا يأخذون منهم درهم فشكوا ذلك إلى كورتكين فلم يشكهم فمنعت العامة الخطباء أن يصلوا في الجوامع واقتتل الديلم والعامة فقتل من الفريقين خلق كثير وجم غفير وكان الخليفة قد كتب إلى أبي بكر محمد بن رائق صاحب الشام يستدعيه إليه ليخلصه من الديلم ومن البريدي فركب إلى بغداد في العشرين من رمضان ومعه جيش عظيم وقد صار إليه من الأتراك البجكمية خلق كثير وحين وصل إلى الموصل حاد عن طريقه ناصر الدولة بن حمدان فتراسلا ثم اصطلحا وحمل ابن حمدان مائة ألف دينار فلما اقترب ابن رائق من بغداد خرج كورتكين في جيشه ليقاتله فدخل ابن رائق بغداد من غربيها ورجع كورتكين بجيشه فدخل من شرقيها ثم تصافوا ببغداد للقتال وساعدت العامة ابن رائق على كورتكين فانهزم الديلم وقتل منهم خلق كثير وهرب كورتكين فاختفى واستقر أمر ابن رائق وخلع عليه الخليفة وركب هو وإياه في دجلة فظفر ابن رائق بكورتكين فأودعه السجن الذي في دار الخلافة قال ابن الجوزي وفي يوم الجمعة ثاني عشر جمادى الأولى حضر الناس لصلاة الجمعة بجامع براثي وقد كان المقتدر أحرق هذا الجامع لأنه كبسه فوجد فيه جماعة من الشيعة يجتمعون فيه للسب والشتم فلم يزل خرابا حتى عمره بجكم في أيام الراضي ثم أمر المتقي بوضع منبر فيه كان عليه اسم الرشيد وصلى فيه الناس الجمعة قال فلم يزل تقام فيه إلى ما بعد سنة خمسين وأربعمائة قال وفي جمادى الآخرة