يصلح أصحاب الغنم كرم أولئك ويردوه إلى ما كان عليه ثم يتسلموا غنمهم فبلغ داود عليه السلام ذلك فحكم به وقريب من هذا ما ثبت في الصحيحين من حديث أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة قال قال رسول الله A بينما امرأتان معهما ابناهما إذ عدا الذئب فأخذ ابن احداهما فتنازعتا في الآخر فقالت الكبرى إنما ذهب بابنك وقالت الصغرى بل انما ذهب بابنك فتحاكمتا إلى داود فحكم به للكبرى فخرجتا على سليمان فقال ائتوني بالسكين أشقه نصفين لكل واحدة منكما نصفه فقالت الصغرى لا تفعل يرحمك الله هو ابنها فقضى به لها ولعل كلا من الحكمين كان سائغا في شريعتهم ولكن ما قاله سليمان ارجح ولهذا أثنى الله عليه بما ألهمه اياه ومدح بعد ذلك أباه فقال وكلا آتينا حكما وعلما وسخرنا مع داود الجبال يسبحن والطير وكنا فاعلين وعلمناه صنعة لبوس لكم لتحصنكم من بأسكم فهل أنتم شاكرون ثم قال ولسليمان الريح عاصفة أي وسخرنا لسليمان الريح عاصفة تجري بأمره إلى الأرض التي باركنا فيها وكنا بكل شيء عالمين ومن الشياطين من يغوصون له ويعملون عملا دون ذلك وكنا لهم حافظين وقال في سورة ص فسخرنا له الريح تجري بأمره رخاء حيث أصاب والشياطين كل بناء وغواص وآخرين مقرنين في الأصفاد هذا عطاؤنا فامنن أو أمسك بغير حساب وإن له عندنا لزلفى وحسن مآب لما ترك الخيل ابتغاء وجه الله عوضه الله منها الريح التي هي أسرع سيرا وأقوى وأعظم ولا كلفة عليه لها تجري بأمره رخاء حيث أصاب أي حيث أراد من أي البلاد كان له بساط مركب من أخشاب بحيث إنه يسع جميع ما يحتاج إليه من الدور المبنية والقصور والخيام والأمتعة والخيول والجمال والأثقال والرجال من الأنس والجان وغير ذلك من الحيوانات والطيور فإذا أراد سفرا أو مستنزها أو قتال ملك أو أعداء من أي بلاد الله شاء فإذا حمل هذه الأمور المذكورة على البساط أمر الريح فدخلت تحته فرفعته فإذا استقل بين السماء والأرض أمر الرخاء فسارت به فإن أراد أسرع من ذلك أمر العاصفة فحملته أسرع ما يكون فوضعته في أي مكان شاء بحيث إنه كان يرتحل في أول النهار من بيت المقدس فتغدو به الريح فتضعه باصطخر مسيرة شهر فيقيم هناك إلى آخر النهار ثم يروح من آخره فترده إلى بيت المقدس كما قال تعالى ولسليمان الريح غدوها شهر ورواحها شهر وأسلنا له عين القطر ومن الجن من يعمل بين يديه بإذن ربه ومن يزغ منهم عن أمرنا نذقه من عذاب السعير يعملون له ما يشاء من محاريب وتماثيل وجفان كالجواب وقدور راسيات اعملوا آل داود شكرا وقليل من عبادي الشكور قال الحسن البصري كان يغدو دمشق فينزل باصطخر فيتغدى بها ويذهب رائحا منها فيبيت بكابل وبين دمشق وبين اصطخر مسيرة شهر وبين اصطخر وكابل مسيرة شهر قلت قد ذكر المتكلمون على العمران والبلدان أن اصطخر بنتها الجان لسليمان وكان فيها قرار مملكة الترك قديما وكذلك غيرها من بلدان شتى كتدمر وبيت المقدس وباب جبرون وباب البريد اللذان بدمشق على أحد الأقوال