ثم دخلت سنة ثلاث وخمسين ومائتين .
في رجب منها عقد المعتز لموسى بن بغا الكبير على جيش قريب من أربعة آلاف ليذهبوا إلى قتال عبدالعزيز بن أبي دلف بناحية همذان لأنه خرج عن الطاعة وهو في نحو من عشرين ألفا بناحية همذان فهزموا عبدالعزيز في أواخر هذه السنة هزيمة فظيعة ثم كانت بينهما وقعة أخرى في رمضان عند الكرج فهزم عبدالعزيز ايضا وقتل من أصحابه بشر كثير وأسروا ذراري كثيرة حتى أسروا أم عبدالعزيز أيضا وبعثوا إلى المعتز سبعين حملا من الرؤس وأعلاما كثيرة وأخذ من عبدالعزيز ما كان استحوذ عليه من البلاد وفي رمضان منها خلع على بغا الشرابي وألبسه التاج والوشاحين وفي يوم عيد الفطر كانت وقعة هائلة عند مكان يقال له البوازيج وذلك أن رجلا يقال له مساور بن عبدالحميد حكم فيها والتف عليه نحو من سبعمائة من الخوراج فقصد له رجل يقال له بندار الطبري في ثلاثمائة من أصحابه فالتقوا فاقتتلوا قتالا شديدا فقتل من الخوارج نحو من خمسين وقتل من أصحاب بندار مائتان وقيل وخمسون رجلا وقتل بندار فيمن قتل C ثم صمد مساور إلى حلوان فقاتله أهلها وأعانهم حجاج أهل خرسان فقتل مساور منهم نحوا من أربعمائة قبحه الله وقتل من جماعته كثيرون أيضا ولثلاث بقين من شوال قتل وصيف التركي وأرادت العامة نهب داره في سامرا ودور أولاده فلم يمكنهم ذلك وجعل الخليفة ما كان إليه إلى بغا الشرابي وفي ليلة أربع عشرة من ذي القعدة من هذه السنة خسف القمر حتى غاب أكثره وغرق نوره وعند انتهاء خسوفه مات محمد بن عبدالله بن طاهر نائب العراق ببغداد وكانت علته قروحا في رأسه وحلقه فذبحته ولما أتى به ليصلي عليه اختلف أخوه عبيدالله وابنه طاهر وتنازعا الصلاة عليه حتى جذبت السيوف وترامي الناس بالحجارة وصاحت الغوغاء يا طاهر يا منصور فمال عبيدالله إلى الشرقية ومعه القواد وأكابر الناس فدخل داره وصلى عليه ابنه وكان أبوه قد أوصى إليه وحين بلغ المعتز ما وقع بعث بالخلع والولاية إلى عبيد الله بن عبدالله بن طاهر فأطلق عبيد الله للذي قدم بالخلع خمسين ألف درهم وفيها نفى المعتز أخاه أبا أحمد من سر من رأى إلى واسط ثم إلى البصرة ثم رد إلى بغداد أيضا وفي يوم الإثنين منها سلخ ذي القعدة التقى موسى بن بغا الكبير والحسين بن أحمد الكوكبي الطالبي الذي خرج في سنة إحدى وخمسين عند قزوين فاقتتلا قتالا شديدا ثم هزم الكوكبي وأخذ موسى قزوين وهرب الكوكبي إلى الديلم وذكر ابن جرير عن بعض من حضر هذه الوقعة أن الكوكبي حين التقى أمر أصحابه أن يتترسوا بالحجف وكانت السهم لا تعمل فيهم فأمر موسى بن بغا أصحابه عند ذلك أن يطرحوا ما معهم من النفط ثم حاولوهم وأروهم أنهم قد انهزموا منهم فتبعهم أصحاب الكوكبي فلما توسطوا الأرض التي فيها النفط أمر عند ذلك