الروم فقال إلى عند من تذهب أحرز من حصنى وأنا غلامك وفي خدمتك وما زال به حتى خدعه وأخذه معه إلى الحصن فأنزله عنده وأجرى عليه النفقات الكثيرة والتحف وغير ذلك وكتب إلى الأفشين يعلمه فأرسل إليه أميرين لقبضه فنزلا قريبا من الحصن وكتبا إلى ابن سنباط فقال أقيما مكانكما حتى يأتيكما أمري ثم قال لبابك إنه قد حصل لك هم وضيق من هذا الحصن وقد عزمت على الخروج اليوم إلى الصيد ومعنا بزاة وكلاب فإن أحببت أن تخرج معنا لتشرح صدرك وتذهب همك فافعل قال نعم فخرجوا وبعث ابن سنباط إلى الأميرين أن كونوا مكان كذا وكذا في وقت كذا وكذا من النهار فلما كانا بذلك الموضع أقبل الأميران بمن معهما من الجنود فأحاطوا ببابك وهرب ابن سنباط فلما رأوه جاؤا إليه فقالوا ترجل عن دابتك فقال ومن أنتما فذكروا أنهما من عند الأفشين فترجل حينئذ عن دابته وعليه دراعة بيضاء وخف قصير وفي يده باز فنظر إلى ابن سنباط فقال قبحك الله فهلا طلبت منى من المال ما شئت كنت أعطيتك أكثر مما يعطيك هؤلاء ثم أركبوه وأخذوا معهما إلى الأفشين لما اقتربوا منه خرج ففعل ذلك وكان يوما مشهودا جدا وكان ذلك في شوال من هذه السنة ثم احتفظ به وسجنه عنده ثم كتب الأفشين إلى المعتصم بذلك فأمره أن يقدم به وبأخيه وكان قد مسكه أيضا وكان اسم أخي بابك عبد الله فتجهز الأفشين بهما إلى بغداد في تمام هذه السنة ففرغت ولم يصل بهما إلى بغداد وحج بالناس فيها الأمير المتقدم ذكره في التي قبلها .
وفيها توفي أبو اليمان الحكم بن نافع وعمر بن حفص بن عياش ومسلم بن إبراهيم ويحي بن صالح الوحاطي .
ثم دخلت سنة ثلاث وعشرين ومائتين .
في يوم الخميس ثالث صفر منها دخل الأفشين وصحبته بابك على المعتصم سامرا ومعه أيضا أخو بابك في تجمل عظيم وقد أمر المعتصم ابنه هارون الواثق أن يتلقى الأفشين وكانت أخباره تفد إلى المعتصم في كل يوم من شدة اعتناء المعتصم بأمر بابك وقد ركبب المعتصم قبل وصول بابك بيومين على البريد حتى دخل إلى بابك وهو لا يعرفه فنظر إليه ثم رجع فلما كان يوم دخوله عليه تأهب المعتصم واصطف الناس سماطين وأمر بابك أن يركب على فيل ليشهر أمره ويعرفوه وعليه قباء ديباج وقلنسوة سمور مدورة وقد هيئوا الفيل وخضبوا أطرافه ولبسوه من الحرير والأمتعة التي تليق به كثيرا وقد قال فيه بعضهم ... قد خضب الفيل كعاداته ... يحمل شيطان خراسان ... والفيل لا تخضب أعضاؤة ... الا الذي شأن من الشان