القدر قال أبو عثمان المازني رأيت الأصمعي جاء إلى أبي زيد الأنصاري وقبل رأسه وجلس بين يديه وقال أنت رئيسنا وسيدنا منذ خمسين سنة قال ابن خلكان وله مصنفات كثيرة منها خلق الانسان وكتاب الابل وكتاب المياه وكتاب الفرس والترس وغير ذلك توفي في هذه السنة وقيل في التي قبلها أو التي بعدها وقد جاوز التسعين وقيل إنه قارب المائة وأما أبو سليمان فقد قدمنا ترجمته .
ثم دخلت سنة ست عشرة ومائتين .
فيها عدا الروم وهو توفيل بن ميخائيل على جماعة من المسلمين فقتلهم في أرض طرسوس نحوا من ألف وستمائة إنسان وكتب إلى المأمون فبدأ بفسه فلما قرأ المأمون كتابه نهض من فوره إلى بلاد الروم عودا على بدء وصحبته أخوه أبو إسحاق بن الرشيد نائب الشام ومصر فافتتح بلدانا كثيرة صلحا وعنوة وافتتح أخوه ثلاثين حصنا وبعث يحي بن أكثم في سرية إلى طوانة فافتتح بلادا كثيرة وأسر خلقا وحرق حصونا عدة ثم عاد إلى العسكر وأقام المأمون ببلاد الروم من نصف جمادي الآخره إلى نصف شعبان ثم عاد إلى دمشق وقد وثب رجل يقال له عبدوس الفهري في شعبان من هذه السنة ببلاد مصر فتغلب على نواب أبي إسحاق بن الرشيد واتبعه خلق كثير فركب المأمون من دمشق يوم الأربعاء لأربع عشرة ليلة خلت من ذي الحجة إلى الديار المصرية فكان من امره ما سنذكره .
وفيها كتب المأمون إلى إسحاق بن إبراهيم نائب بغداد يأمره أن يأمر الناس بالتكبير عقيب الصلوات الخمس فكان أول ما بدئ بذلك في جامع بغداد والرصافة يوم الجمعة لأربع عشر ليلة خلت من رمضان وذلك أنهم كانوا إذا قضوا الصلاة قام الناس قياما فكبروا ثلاث تكبيرات ثم استمروا على ذلك في بقية الصلوات وهذه بدعة أحدثها المأمون أيضا بلا مستند ولا دليل ولا معتمد فإن هذا لم يفعله قبله أحد ولكن ثبت في الصحيح عن ابن عباس أن رفع الصوت بالذكر كان على عهد رسول الله A ليعلم حين ينصرف الناس من المكتوبه وقد استحب هذا طائفة من العلماء كإبن حزم وغيره وقال ابن بطال المذاهب الأربعة على عدم استحبابه قال النووي وقد روى عن الشافعي أنه قال إنما كان ذلك ليعلم الناس أن الذكر بعد الصلوات مشروع فلما علم ذلك لم يبق للجهر معنى وهذا كما روى عن ابن عباس أنه كان يجهر في الفاتحة في صلاة الجنازة ليعلم الناس أنها سنة ولهذا نظائر والله أعلم .
وأما هذه البدعة التي أمربها المأمون فانها بدعة محدثة لم يعمل بها أحد من السلف وفيها وقع برد شديد جدا وفيها حج بالناس الذي حج بهم في العام الماضي وقيل غيره والله أعلم وفيها توفي حبان ابن هلال وعبد الملك بن قريب الأصمعي صاحب اللغة والنحو والشعر وغير ذلك ومحمد بن بكار بن