عبد الرحمن وغيرهم ثم انتقل إلى مكة فتعبد بها وكان حسن التلاوة كثير الصلاة والصيام وكان سيدا جليلا ثقة من أئمة الرواية C ورضى عنه وله مع الرشيد قصة طويلة وقد روينا ذلك مطولا في كيفية دخول الرشيد عليه منزله وما قال له الفضيل بن عياض وعرض عليه الرشيد المال فأبى أن يقبل منه ذلك توفي بمكة في المحرم من هذه السنة وذكروا أنه كان شاطرا يقطع الطريق وكان يتعشق جارية فبينما هو ذات ليلة يتسور عليها جدارا إذ سمع قارئا يقرأ ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله فقال بلى وتاب وأقلع عما كان عليه ورجع إلى خربة فبات بها فسمع سفارا يقولون خذوا حذركم إن فضيلا أمامكم يقطع الطريق فأمنهم واستمر على توبته حتى كان منه ما كان من السيادة والعبادة والزهادة ثم صار علما يقتدى به ويهتدى بكلامه وفعاله .
قال الفضيل لو أن الدنيا كلها حلال لا أحاسب بها لكنت أتقذرها كما يتقذر أحدكم الجيفة إذا مر بها أن تصيب ثوبه وقال العمل لأجل الناس شرك وترك العمل لأجل الناس رياء والاخلاص أن يعافيك الله منهما وقال له الرشيد يوما ما أزهدك فقال أنت أزهد منى لأني أنا زهدت في الدنيا التي هي أقل من جناح بعوضة وأنت زهدت في الآخرة التي لا قيمة لها فأنا زاهد في الفاني وأنت زاهد في الباقي ومن زهده في درة أزهد ممن زهد في بعرة وقد روي مثل هذا عن أبي حازم أنه قال ذلك لسليمان بن عبد الملك .
وقال لو أن دعوة مستجابة لجعلتها للامام لأن به صلاح الرعية فاذا صلح أمنت العباد والبلاد وقال إني لأعصى الله فأعرف ذلك في خلق حماري وخادمي وامرأتى وفأر بيتى وقال في قوله تعالى ليبلوكم أيكم أحسن عملا قال يعنى أخلصه وأصوبه إن العمل يجب أن يكون خالصا لله وصوابا على متابعة النبي A وفيها توفي .
بشر بن المفضل وعبد السلام بن حرب وعبد العزيز بن محمد الدراوردي وعبد العزيز العمى وعلى بن عيسى الأمير ببلاد الروم مع القاسم بن الرشيد في الصائفة ومعتمر بن سليمان وأبو شعيب البراثي الزاهد وكان أول من سكن براثا في كوخ له يتعبد فيه فهويته امرأة من بنات الرؤساء فانخلعت مما كانت فيه من الدنيا والسعادة والحشمة وتزوجته وأقامت معه في كوخه تتعبد حتى ماتا يقال إن اسمها جوهرة .
ثم دخلت سنة ثمان وثمانين ومائة .
فيها غزا إبراهيم بن إسرائيل الصائفة فدخل بلاد الروم من درب الصفصاف فخرج النقفور للقائة فجرح النقفور ثلاث جراح وانهزم وقتل من أصحابه أكثر من أربعين ألفا وغنموا أكثر من