يوم لا ليلة بعده قال فأفحم المنصور قوله وأمر له بمال فقال لو احتجت إلى مالك لما وعظتك ودخل عمر بن عبيد القدري على المنصور فأكرمه وعظمه وقربه وسأله عن أهله وعياله ثم قال له عظني فقرأ عليه سورة الفجر ان ربك لبالمرصاد فبكى المنصور بكاء شديدا حتى كأنه لم يسمع يهذه الآيات من قبل ثم قال له زدني فقال إن الله قد أعطاك الدنيا بأسرها فاشتر نفسك ببعضها وإن هذا الامر كان لمن قبلك ثم صار اليك هو صائر لمن بعدك واذكر ليلة تسفر عن يوم القيامة فبكى المنصور أشد من بكائه الأول حتى اختلفت اجفانه فقال له سليمان بن مجالد رفقا بأمير المؤمنين فقال عمرو وماذا على أمير المؤمنين أن يبكي من خشية الله D ثم أمر له المنصور بعشرة الآف درهم فقال لا حاجة لي فيها فقال المنصور والله لتأخذنها فقال والله لا آخذنها فقال له المهدي وهو جالس في سواده وسيفه إلى جانب أبيه أيحلف أمير المؤمنين وتحلف أنت فالتفت إلى المنصور فقال ومن هذا فقال هذا ابني محمد ولي العهد من بعدي فقال عمرو إنك سميته اسما لم يستحقه لعمله وألبسته لبوسا ماهو لبوس الأبرار ولقد مهدت له أمرا أمتع ما يكون به أشغل ما يكون عنه ثم التفت إلى المهدي فقال يا ابن أخي إذا حلف أبوك وحلف عمك فلأن أبوك أيسر من أن يحنث عمك لأن أباك أقدر على الكفاره من عمك ثم قال المنصور يا أبا عثمان هل من حاجة قال نعم قال وماهي قال لا تبعث إلى حتى آتيك ولا تعطني حتى أسألك فقال المنصور إذا والله لا نلتقي فقال عمرو عن حاجتى سألتني فودعه وأنصرف فلما ولى أمده بصره وهو يقول ... كلكم يمشي رويد ... كلكم يطلب صيد ... غير عمر بن عبيد ... .
ويقال إن عمرو بن عبيد أنشد المنصور قصيدة في موعظة إياه وهي قوله ... يا أيهذا الذي قد غره الأمل ... ودون ما يأمل التنغيص والاجل ... إلا ترى أنما الدنيا وزينتها ... كمنزل الركب حلوا ثمت ارتحلوا ... حتوفها رصد وعيشها نكد ... وصفوها كدر وملكها دول ... تظل تقرع بالروعات ساكنها ... فما يسوغ له لبن ولا جذل ... كأنه للمنايا والردى غرض ... تظل فيه بنات الدهر تنتقل ... والنفس هاربة والموت يطلبها ... وكل عسرة رجل عندها جلل ... والمرء يسعى لوارثه ... والقبر وارث مايسعى له الرجل