وقطعوه قطعا قطعا ثم القي في دجله ويرى أن المنصور لما قتله وقف عليه فقال رحمك الله أبا مسلم بايعتنا فبايعناك وعاهدتنا وعاهدناك ووفيت لنا فوفينا لك وإنا بايعناك على أن لا يخرج علينا أحد في هذه الأيام الا قتلناه فخرجت علينا فقتلناك وحكمنا عليك حكمك على نفسك لنا ويقال إن المنصور قال الحمد لله الذي أرانا يومك يا عدو الله قال إبن جرير وقال المنصور عند ذلك ... زعمت أن الدين لا يقتضى ... فاستوف بالكيل أبا مجرم ... سقيت كأسا كنت تسقى بها ... أمر في الحلق من العلقم ... .
ثم ان المنصور خطب في الناس بعد قتل أبي مسلم فقال أيها الناس لاتنفروا أطيار النعم بترك الشكر فتحل بكم النقم ولا تسروا غش الأئمة فإن أحدا لا يسر منكم شيئا إلا ظهر في فلتات لسانه وصفحات وجهه وطوالع نظره وإنا لن نجهل حقوقكم ما عرفتم حقنا ولا ننسى الإحسان إليكم ما ذكرتم فضلنا ومن نازعنا هذا القميص أوطانا أم رأسه حتى يستقيم رجالكم وترتدع عمالكم وإن هذا الغمر أبا مسلم بايع على انه من نكث بيعتنا وأظهر غشنا فقد أباحنا دمه فنكث وغدر وفجر وكفر فحكمنا عليه لأنفسنا حكمه على غيره لنا وإن أبا مسلم أحسن مبتديا وأساء منتهيا وأخذ من الناس بنا لنفسه أكثر مما أعطانا ورجح قبيح باطنه على حسن ظاهره وعلمنا من خبث سريرته وفساد نيته ما لو علم اللائم لنا فيه لما لام ولو اطلع على ما اطلعنا عليه منه لعذرنا في قتله وعنفنا في امهاله ومازال ينقص بيعته ويخفر ذمته حتى أحل لنا عقوبته وأباحنا دمه فحكمناه فيه حكمه في غيره ممن شق العصا ولم يمنعنا الحق له من إمضاء الحق فيه وما أحسن ما قال النابغة الذبياني للنعمان يعني إبن المنذر ... فمن اطاعك فانفعه بطاعته ... كما اطاعك والله على الرشد ... ومن عصاك فعاقبه معاقبة ... تنهي الظلوم ولاتقعد على ضمد ... .
وقد روى البيهقي عن الحاكم بسنده أن عبد الله بن المبارك سئل عن ابي مسلم أهو خير أم الحجاج فقال لاأقول أن أبا مسلم كان خيرا من احد ولكن كان الحجاج شرا منه قد اتهمه بعضهم على الاسلام ورموه بالزندقه ولم أر فيما ذكروه عن أبي مسلم ما يدل على ذلك بل على أنه كان ممن يخاف الله من ذنوبه وقد ادعى التوبة فيما كان منه من سفك الدماء في اقامة الدولة العباسية والله أعلم بأمره .
وقد روى الحطيب عنه انه قال ارتديت الصبر واثرت الكفاف وحالفت الأحزان والأشجان وشامخت المقادير والأحكام حتى بلغت غاية همتي وأدركت نهاية بغيتي ثم أنشأ يقول