بعبيد بن موهب فدخل عليه وهو ينكت في الأرض فرفع رأسه إليه فقال ويحك يا عبيد إن أهل الكتاب بذكرون أن ما تحت يدي سيلية رجل يقال له يزيد وقد تذكرت يزيد بن أبي كبشة ويزيد ابن حصين بن نمير ويزيد بن دينار وليسوا هناك وما هو إلا يزيد بن المهلب فقال عبيد لقد شرفتهم وعظمت ولايتهم وإن لهم لقدرا وجلدا وحظا فأخلق به فأجمع رأى الحجاج على عزل يزيد ابن المهلب فكتب إلى عبد الملك يذمه ويخوفه غدره ويخبره بما أخبره به ذلك الشيخ الكتابي فجاء البريد بكتاب فيه قد أكثرت في شأن يزيد فسم رجلا يصلح لخراسان فوقع اختيار الحجاج على المفضل بن المهلب فولاه قليلا تسعة أشهر فغزا بلاد عبس وغيرها وغنم مغانم كثيرة وامتدحه الشعراء ثم عزله بقتيبة بن مسلم .
قال ابن جرير وفي هذه السنة قتل موسى بن عبد الله بن خازم بترمذ ثم ذكر سبب ذلك وملخصه أنه بعد مقتل أبيه لم يبق بيده بلد يلجأ إليه بمن معه من أصحابه فجعل كلما اقترب من بلدة خرج إليه ملكها فقاتله فلم يزل ذلك دأبه حتى نزل قريبا من ترمذ وكان ملكها فيه ضعف فجعل يهادنه ويبعث إليه بالألطاف والتحف حتى جعل يتصيد هو وهو ثم عن للملك فعمل له طعاما وبعث إلى موسى بن عبد الله بن خازم أن ائتني في مائة من أصحابك فاختار موسى من جيشه مائة من شجعانهم ثم دخل البلد فلما فرغت الضيافة أضطجع موسى في دار الملك وقال والله لا أقوم من هنا حتى يكون هذا المنزل منزلي أو يكون قبري فثار أهل القصر إليه فحاجف عنه أصحابه ثم وقعت الحرب بينهم وبين أهل ترمذ فاقتتلوا فقتل من أهل ترمذ خلق كثير وهرب بقيتهم واستدعى موسى ببقية جيشه إليه واستحوذ موسى على البلد فحصنها ومنعها من الأعداء وخرج منها ملكها هاربا فلجأ إلى إخوانه من الأتراك فاستنصرهم فقالوا له هؤلاء قوم نحو من مائة رجل أخرجوك من بلدك لا طاقة لنا بقتال هؤلاء ثم ذهب ملك ترمذ إلى طائفة أخرى من الترك فاستصرخهم فبعثوا معه قصادا نحو موسى ليسمعوا كلامه فلما أحس بقدومهم وكان ذلك في شدة الحر أمر أصحابه أن يؤججوا نارا ويلبسوا ثياب الشتاء ويدنوا أيديهم من النار كأنهم يصطلون بها فلما وصلت إليهم الرسل رأوا أصحابه وما يصنعون في شدة الحر فقالوا لهم ما هذا الذي نراكم تفعلون فقالوا لهم إنا نجد البرد في الصيف والكرب في الشتاء فرجعوا إلى أنفسهم فقالوا ما هؤلاء بشر ما هؤلاء إلا جن ثم عادوا إلى ملكهم فأخبروه بما رأوا فقالوا لا طاقة لنا بقتال هؤلاء ثم ذهب صاحب ترمذ فاستجاش بطائفة أخرى فجاؤا فحاصرهم بترمذ وجاء الخزاعي فحاصرهم أيضا فجعل يقاتل الخزاعي أول النهار ويقاتل آخره العجم ثم إن موسى بيتهم فقتل منهم مقتلة عظيمة فصالحه وكان معه فدخل يوما عليه وليس عنده أحد وليس يرى معه سلاحا فقال له على وجه النصح