فيه صورة الصراط وباب الجنة وقدم رسول الله ص ووادى جهنم وكذلك فى أبوابه ومواضع منه فاغتر الناس بذلك وإلى زماننا وبالجملة أن ضخرة بيت المقدس لما فرغ من بنائها لم يكن لها نظير على وجه الأرض ومنظرا وقد كان فيها من الفصوص والجواهر والفسيفساء وغير ذلك شىء كثير وأنواع باهرة ولما فرغ رجاء بن حيوة ويزيد بن سلام من عمارتها على أكمل الوجوه فضل من المال الذى أنفقاه على ذلك ستمائة ألف مثقال وقيل ثلاثمائة ألف مثقال فكتبا إلى عبد الملك يخبرانه بذلك فكتب إليهما قد وهبته منكما فكتبا إليه إنا لو استطعنا لزدنا فى عمارة هذا المسجد من حلى نسائنا فكتب إليهما إذ أبيتما أن تقبلاه فأفرغاه على القبة والأبواب فما كان أحد يستطيع أن يتأمل القبة مما عليها من الذهب القديم والحديث فلما كان فى خلافة أبى جعفر المنصور قدم بيت المقدس فى سنة أربعين ومائة فوجد المسجد خرابا فأمر أن يقلع ذلك الذهب والصفائح التى على القبة والأبواب وأن يعمروا بها ما تشعت فى المسجد ففعلوا ذلك وكان المسجد طويلا فأمر أن يؤخذ من طوله ويزداد فى عرضه ولما أكمل البناء كتب على القبة مما يلى الباب القبلى أمر ببنائه بعد تشعيثه أمير المؤمنين عبد الملك سنة اثنتين وستين من الهجرة النبوية وكان طول المسجد من القبلة إلى الشمال سبعمائة وخمسة وستون ذراعا وعرضه أربعمائة وستون ذراعا وكان فتوح القدس سنة ستة عشر والله سبحانه وتعالى أعلم .
ثم دخلت سنة سبع وستين .
ففيها كان مقتل عبيد الله بن زياد على يدى إبراهيم بن الأشتر النخعى وذلك أن إبراهيم بن الأشتر خرج من الكوفة يوم السبت لثمان بقين من ذى الحجة فى السنة الماضية ثم استهلت هذه السنة وهو سائر لقصد ابن زياد فى أرض الموصل فكان اجتماعهما بمكان يقال له الخازر بينه وبين الموصل خمسة فراسخ فبات ابن الأشتر تلك الليلة ساهرا لا يستطيع النوم فلما كان قريب الصبح نهض فعبى جيشه وكتب كتائبه وصلى بأصحابه الفجر فى أول وقت ثم ركب فناهض جيش ابن زياد وزحف بجيشه رويدا وهو ماش فى الرجالة حتى أشرف من فوق تل على جيش ابن زياد فاذا هم لم يتحرك منهم أحد فلما رأوهم نهضوا إلى خيلهم وسلاحهم مدهوشين فركب ابن الأشتر فرسه وجعل يقف على رايات القبائل فيحرضهم على قتال ابن زياد ويقول هذا قاتل ابن بنت رسول الله ص قد جاءكم الله به وامكنكم الله منه اليوم فعليكم به فانه قد فعل فى ابن بنت رسول الله ص ما لم يفعله فرعون فى بنى إسرائيل هذا ابن زياد قاتل الحسين الذى حال بينه وبين ماء الفرات أن يشرب منه هو وأولاده ونساؤه ومنعه أن ينصرف إلى بلده أو يأتى يزيد بن معاوية حتى قتله