قلت هذا وأمثاله مما يدل على قلة عقل المختار وأتباعه وضعفه علمه وكثرة جهله ورادءة فهمه وترويجه الباطل على أتباعه وتشبهه الباطل بالحق ليضل به الطغام ويجمع عليه جهال العوام قال الواقدى وفى هذه السنة وقع فى مصر طاعون هلك فيه خلق كثير من أهلها وفيها ضرب الدنانير عبد العزيز بن مروان بمصر وهو أول من ضربها بها قال صاحب مرآت الزمان وفيها ابتدأ عبد الملك بن مروان ببناء القبة على صخرة بيت المقدس وعمارة الجامع الأقصى وكملت عمارته فى سنة ثلاث وسبعين وكان السبب فى ذلك أن عبد الله بن الزبير كان قد استولى على مكة وكان يخطب فى أيام منى وعرفة ومقام الناس بمكة وينال من عبد الملك ويذكر مساوى بنى مروان ويقول إن النبى ص لعن الحكم وما نسل وأنه طريد رسول الله ص ولعينه وكان يدعو إلى نفسه وكان فصيحا فمال معظم أهل الشام إليه وبلغ ذلك عبد الملك فمنع الناس من الحج فضجوا فبنى القبة على الصخرة والجامع الأقصى ليشغلهم بذلك عن الحج ويستعطف قلوبهم وكانوا يقفون عند الصخرة ويطوفون حولها كما يطوفون حول الكعبة وينحرون يوم العيد ويحلقون رؤسهم ففتح بذلك على نفسه بأن شنع ابن الزبير عليه وكان يشنع عليه بمكة ويقول ضاهى بها فعل الأكاسرة فى إيوان كسرى والخضراء كما فعل معاوية .
ولما أراد عبد الملك عمارة بيت المقدس وجه إليه بالأموال والعمال ووكل بالعمل رجاء بن حيوة ويزيد بن سلام مولاه وجمع الصناع من أطراف البلاد وأرسلهم إلى بيت المقدس وأرسل إليه بالأموال الجزيلة الكثيرة وأمر رجاء بن حيوة ويزيد ان يفرغا الأموال إفراغا ولا يتوقفا فيه فبثوا النفقات وأكثروا فبنوا القبة فجاءت من أحسن البناء وفرشاها بالرخام الملون وعملا للقبة جلالين أحدهما من اليود الأحمر للشتاء وآخر من أدم للصيف وحفا القبة بأنواع الستور وأقاما لها سدنة وخداما بأنواع الطيب والمسك والعنبر والماورد والزعفران ويعملون منه غالية ويبخرون القبة والمسجد من الليل وجعل فيها من قناديل الذهب والفضة والسلاسل الذهب والفضة شيئا كثيرا وجعل فيها العود القمارى المغلف بالمسك وفرشاها والمسجد بأنواع البسط الملونة وكانوا إذا أطلقوا البخور شم من مسافة بعيدة وكان إذا رجع الرجل من بيت المقدس إلى بلاده توجد منه رائحة المسك والطيب والبخور أياما ويعرف أنه قد أقبل من بيت المقدس وأنه دخل الصخرة وكان فيه من السدنة والقوم القائمين بأمره خلق كثير ولم يكن يومئذ على وجه الأرض بناء أحسن ولا أبهى من قبة صخرة بيت المقدس بحيث إن الناس التهوا بها عن الكعبة والحج وبحيث كانوا لا يلتفتون فى موسم الحج وغيره إلى غير المسير إلى بيت المقدس وافتن الناس بذلك افتنانا عظيما وأتوه من كل مكان وقد عملوا فيه من الأشارات والعلامات المكذوبة شيئا كثيرا مما فى الآخرة فصوروا