الحكيم فلو بعثت إلينا رجلا سهل الخلق لين الكنف رجوت أن يسهل به من الأمور ما استوعر منها وأن يجتمع ما تفرق فانظر فى ذلك فان فيه صلاح خواصنا وعوامنا إن شاء الله تعالى قالوا فعزل يزيد الوليد وولى عثمان محمد بن أبى سفيان فسار إلى الحجاز وإذا هو فتى غر حدث غمر لم يمارس الأمور فطمعوا فيه ولما دخل المدينة بعث إلى يزيد منها وفدا فيهم عبد الله بن حنظلة الغسيل الأنصارى وعبد الله بن أبى عمرو بن حفص بن المغيرة الحضرمى والمنذر بن الزبير ورجال كثير من أشراف أهل المدينة فقدموا على يزيد فأكرمهم وأحسن إليهم وعظم جوائزهم ثم انصرفوا راجعين إلى المدينة إلا المنذر بن الزبير فانه سار إلى صاحبه عبيد الله بن زياد بالبصرة وكان يزيد قد أجازه بمائة ألف نظير أصحابه من أولئك الوفد ولما رجع وفد المدينة إليها أظهروا شتم يزيد وعيبه وقالوا قدمنا من عند رجل ليس له دين يشرب الخمر وتعزف عنده القينات بالمعازف وإنا نشهدكم أنا قد خلعناه فتابعهم الناس على خلعه وبايعوا عبد الله بن حنظلة الغسيل على الموت وأنكر عليهم عبد الله بن عمر بن الخطاب ورجع المنذر بن الزبير من البصرة إلى المدينة فوافق أولئك على خلع يزيد وأخبرهم عنه أنه يشرب الخمر ويسكر حتى ترك الصلاة وعابه أكثر مما عابه أولئك فلما بلغ ذلك يزيد قال اللهم إنى آثرته وأكرمته ففعل ما قد رأيت فأدركه وانتقم منه ثم أن يزيدا بعث إلى أهل المدينة النعمان بن بشير ينهاهم عما صنعوا ويحذرهم غب ذلك ويأمرهم بالرجوع إلى السمع والطاعة ولزوم الجماعة فسار إليهم ففعل ما أمره يزيد وخوفهم الفتنة وقال لهم إن الفتنة وخيمة وقال لا طاقة لكم بأهل الشام فقال له عبد الله بن مطيع ما يحملك يا نعمان على تفريق جماعتنا وفساد ما أصلح الله من أمرنا فقال له النعمان أما والله لكأنى وقد تركت تلك الأمور التى تدعو إليها وقامت الرجال على الركب التى تضرب مفارق القوم وجباههم بالسيوف ودارت رحى الموت بين الفريقين وكأنى بك قد ضربت جنب بغلتك إلى وخلفت هؤلاء المساكين يعنى الأنصار يقتلون فى سككهم ومساجدهم وعلى أبواب دورهم فعصاه الناس فلم يسمعوا منه فانصرف وكان الأمر والله كما قال سواء .
قال ابن جرير وحج بالناس فى هذه السنة الوليد بن عتبة كذا قال وفيه نظر فانه إن كان فى وفد أهل المدينة وقد رجعوا من عند يزيد فانما وفد عثمان بن محمد بن أبى سفيان وإن كان قد حج بالناس فيها الوليد فما قدم وفد المدينة إلى يزيد إلا فى أول سنة ثلاث وستين وهو أشبه والله أعلم .
وممن توفى فى هذه السنة من الأعيان .
بريدة بن الحصيب الأسلمى كان إسلامه حين اجتاز به رسول الله ص وهو مهاجر إلى المدينة عند كراع الغميم فلما كان هناك تلقاه بريدة فى ثمانين نفسا من أهله فأسلموا وصلى بهم صلاة العشاء وعلمه