أسير لا يدرى أيصبح أم يمسى حتى يقتل وهو يقول لك ارجع بأهلك ولا يغرنك أهل الكوفة فانهم أصحاب أبيك الذى كان يتمنى فراقهم بالموت أو القتل أن أهل الكوفة قد كذبوك وكذبونى وليس لكاذب رأى فقال ابن الاشعث والله لأفعلن ولأعلمن ابن زياد أنى قد أمنتك قال أبو مخنف فدعا محمد بن الأشعث إياس بن العباس الطائى من بنى مالك بن ثمامة وكان شاعرا فقال له اذهب فالق حسينا فأبلغه هذا الكتاب وكتب فيه الذى أمره به ابن عقيل ثم أعطاه راحلة وتكفل له بالقيام بأهله وداره فخرج حتى لقى الحسين بزبالة لأربع ليال من الكوفة فأخبره الخبر وأبلغه الرسالة فقال الحسين كل ما حم نازل عند الله نحتسب وأنفسنا وفساد أئمتنا ولما انتهى مسلم إلى باب القصر وأراد شرب الماء قال له مسلم بن عمرو الباهلى أتراها ما أبردها والله لا تذوقها أبدا حتى تذوق الحميم فى نار جهنم فقال ابن عقيل ويحك من أنت قال أنا من عرف الحق إذ أنكرته ونصح لامامه إذ غششته وسمع وأطاع إذ عصيت أنا مسلم بن عمرو الباهلى فقال له مسلم لأمك الويل ما أجفاك وأفظك وأغلظك يا ابن ناهلة أنت والله أولى بالحميم ونار الجحيم .
صفة مخرج الحسين إلى العراق .
لما تواترت الكتب إلى الحسين من جهة أهل العراق وتكررت الرسل بينهم وبينه وجاءه كتاب مسلم بن عقيل بالقدوم عليه بأهله ثم وقع فى غبون ذلك ما وقع من قتل مسلم بن عقيل والحسين لا يعلم بشىء من ذلك بل قد عزم على المسير إليهم والقدوم عليهم فاتفق خروجه من مكة أيام التروية قبل مقتل مسلم بيوم واحد فان مسلما قتل يوم عرفة ولما أستشعر الناس خروجه أشفقوا عليه من ذلك وحذروه منه وأشار عليه ذوو الرأى منهم والمحبة له بعدم الخروج إلى العراق وأمروه بالمقام بمكة وذكره ما جرى لأبيه وأخيه معهم قال سفيان بن عيينة عن إبراهيم بن ميسرة عن طاووس عن ابن عباس قال استشارنى الحسين بن على فى الخروج فقلت لولا أن يزرى بى وبك الناس لشبثت يدى فى رأسك فلم أتركك تذهب فكان الذى رد على أن قال لأن أقتل فى مكان كذا وكذا أحب إلى من أن أقتل بمكة قال فكان هذا الذى سلى نفسى عنه وروى أبو مخنف عن الحارث بن كعب الوالبى عن عقبة بن سمعان أن حسينا لما أجمع المسير إلى الكوفة أتاه ابن عباس فقال يا ابن عم إنه قد أرجف الناس أنك سائر إلى العراق فبين لى ما أنت صانع فقال إنى قد أجمعت المسير فى أحد يومى هذين إن شاء الله تعالى فقال له ابن عباس أخبرنى إن كان قد دعوك بعد ما قتلوا أميرهم ونفوا عدوهم وضبطوا بلادهم فسر إليهم وإن كان أميرهم حى وهو مقيم عليهم قاهر لهم وعماله تجبى بلادهم فانهم إنما دعوك للفتنة والقتال ولا آمن عليك