امير المؤمنين قد ولانى امركم وثغركم وفيأكم وامرنى بأنصاف مظلومكم وإعطاء محرومكم والاحسان إلى سامعكم ومطيعكم والشدة على مريبكم وعاصيكم وإنما أنا ممتثل فيكم أمره ومنفذ عهده ثم نزل وامر العرفاء أن يكتبوا من عندهم من الزورية وأهل الريب والخلاف والشقاق وأيما عريف لم يطلعنا على ذلك صلب أو نفى واسقطت عرافته من الديوان وكان هانىء أحد الامراء الكبار ولم يسلم على عبيد الله منذ قدم وتمارض فذكره عبيد الله وقال ما بال هانىء لم يأتنى مع الامراء فقالوا أيها الامير إنه يشتكى فقال إنه بلغنى أنه يجلس على باب داره وزعم بعضهم أنه عاده قبل شريك بن الأعور ومسلم بن عقيل عنده وقد هموا بقتله فلم يمكنهم هانىء لكونه فى داره فجاء الامراء إلى هانىء بن عروة فلم يزالوا به حتى أدخلوه على عبيد الله بن زياد فالتفت عبيد الله إلى القاضى فقال متمثلا بقول الشاعر ... أريد حياته ويريد قتلى ... عذيرك من خليلك من مراد ... .
فلما سلم هانىء على عبيد الله قال يا هانىء أين مسلم بن عقيل قال لا أدرى فقام ذلك المولى التميمى الذى دخل دار هانىء في صورة قاصد من حمص فبايع فى داره ودفع الدراهم بحضرة هانىء إلى مسلم فقال أتعرف هذا قال نعم فلما رآه هانىء قطع وأسقط فى يده فقال أصلح الله الامير والله ما دعوته إلى منزلى ولكنه جاء فطرح نفسه على فقال عبيد الله فأتنى به فقال والله لو كان تحت قدمى ما رفعتها عنه فقال أدنوه منى فأدنوه فضربه بحربة على وجهه فشجه على حاجبه وكسر أنفه وتناول هانىء سيف شرطى ليسله فدفع عن ذلك وقال عبيد الله قد أحل الله لى دمك لانك حرورى ثم أمر به فحبسه فى جانب الدار وجاء قومه من بنى مذحج مع عمرو بن الحجاج فوقفوا على باب القصر يظنون أنه قد قتل فسمع عبيد الله لهم جلبة فقال لشريح القاضى وهو عنده اخرج إليهم فقل لهم إن الامير لم يحبسه إلا ليسأله عن مسلم بن عقيل فقال لهم إن صاحبكم حى وقد ضربه سلطاننا ضربا لم يبلغ نفسه فانصرفوا ولا تحلوا بأنفسكم ولا بصاحبكم فتفرقوا إلى منازلهم وسمع مسلم بن عقيل الخبر فركب ونادى بشعاره يا منصور امت وفاجتمع ؟ ؟ إليه أربعة آلاف من أهل الكوفة وكان معه المختار بن أبى عبيد ومعه راية خضراء عبد الله بن نوفل بن الحارث براية حمراء فرتبهم ميمنة وميسرة وسار هو فى القلب إلى عبيد الله وهو يخطب الناس فى أمر هانىء ويحذرهم من الاختلاف وأشراف الناس وأمراؤهم تحت منبره فبينما هو كذلك إذ جاءت النظارة يقولون جاء مسلم بن عقيل فبادر عبيد الله فدخل القصر ومن معه وأغلقوا عليهم الباب فلما انتهى مسلم إلى باب القصر وقف بجيشه هناك فأشرف أمراء القبائل الذين عند عبيد الله فى القصر فأشاروا إلى قومهم الذين مع مسلم بالانصراف وتهددوهم وتوعدوهم