الكوفة فلما دخلها متلثما بعمامة سوداء فجعل لا يمر بملأ من الناس إلا قال سلام عليكم فيقولون وعليكم السلام مرحبا بابن رسول الله يظنون أنه الحسين وقد كانوا ينتظرون قدومه وتكاثر الناس عليه ودخلها فى سبعة عشر راكبا فقال لهم مسلم بن عمرو من جهه يزيد تأخروا هذا الأمير عبيد الله بن زياد فلما علموا ذلك علتهم كآبة وحزن شديد فتحقق عبيد الله الخبر ونزل قصر الأمارة ؟ ؟ من الكوفة فلما استقر امره أرسل مولى أبى رهم وقيل كان مولى له يقال له معقل ومعه ثلاثة آلاف درهم في صورة قاصد من بلاد حمص وأنه إنما جاء لهذه البيعة فذهب ذلك المولى فلم يزل يتلطف ويستدل على الدار التى يبايعون بها مسلم بن عقيل حتى دخلها وهى دار هانىء بن عروة التى تحول إليها من الدار الأولى فبايع وأدخلوه على مسلم بن عقيل فلزمهم أياما حتى اطلع على جلية أمرهم فدفع المال إلى أبى ثمامة العامرى بأمر مسلم بن عقيل وكان هو الذى يقبض ما يؤتى به من الأموال ويشترى السلاح وكان من فرسان العرب فرجع ذلك المولى وأعلم عبيد الله بالدار وصاحبها وقد تحول مسلم بن عقيل إلى دار هانىء بن حميد بن عروة المرادى ثم إلى دار شريك بن الأعور وكان من الأمراء الأكابر وبلغه أن عبيد الله يريد عيادته فبعث إلى هانىء يقول له بعث مسلم بن عقيل حتى يكون فى دارى ليقتل عبيد الله إذا جاء يعودنى فبعثه إليه فقال له شريك كن أنت فى الخباء فاذا جلس عبيد الله فأنى أطلب الماء وهى إشارتى إليك فاخرج فاقتله فلما جاء عبيد الله جلس على فراش شريك وعنده هانىء بن عروة وقام من بين يديه غلام يقال له مهران فتحدث عنده ساعة ثم قال شريك اسقونى فتجبن مسلم عن قتله وخرجت جارية بكوز من ماء فوجدت مسلما فى الخباء فاستحيت ورجعت بالماء ثلاثا ثم قال اسقونى ولو كان فيه ذهاب نفسى أتحموننى من الماء ففهم مهران الغدر فغمز ملاه فنهض سريعا وخرج فقال شريك أيها الأمير إنى أريد أن أوصى إليك فقال سأعود فخرج به مولاه فأركبه وطرد به أى ساق به وجعل يقول له مولاه إن القوم أرادوا قتلك فقال ويحك إنى بهم لرفيق فما بالهم وقال شريك لمسلم ما منعك أن تخرج فتقتله قال حديث بلغنى عن رسول الله ص أنه قال الايمان ضد الفتك لا يفتك مؤمن وكرهت أن أقتله فى بيتك فقال أم لو قتلته لجلست فى القصر لم يستعد منه أحد وليكفينك أمر البصرة ولو قتلته لقتلت ظالما فاجرا ومات شريك بعد ثلاث .
ولما انتهى ابن زياد إلى باب القصر وهو متلثم ظنه النعمان بن بشير الحسين قد قدم فأغلق باب القصر وقال ما أنا بمسلم إليك أمانتى فقال له عبيد الله افتح لافتحته ففتح وهو يظنه الحسين فلما تحقق أنه عبيد الله أسقط فى يده فدخل عبيد الله إلى قصر الامارة وامر مناديا فنادى إن الصلاة جامعة فاجتمع الناس فخرج إليهم فحمد الله وأثنى عليه ثم قال أما بعد فان