ذو التاج لأنه كان إذا اعتم لا يعتم أحد يومئذ إعظاما له وكان سعيد هذا من عمال عمر على السواد وجعله عثمان فيمن يكتب المصاحف لفصاحته وكان أشبه الناس لحية برسول الله ص وكان فى جملة الاثنى عشر رجلا الذين يستخرجون القرآن ويعلمونه ويكتبونه منهم أبى بن كعب وزيد بن ثابت واستنابه عثمان على الكوفة بعد عزله الوليد بن عقبة فافتتح طبرستان وجرجان ونقض العهد أهل أذربيجان فغزاهم ففتحها فلما مات عثمان اعتزل الفتنة فلم يشهد الجمل ولا صفين فلما استقر الأمر لمعاوية وفد إليه فعتب عليه فاعتذر إليه فعذره فى كلام طويل جدا وولاه المدينة مرتين وعزله عنها مرتين بمروان بن الحكم وكان سعيد هذا لا يسب عليا ومروان يسبه وروى عن النبى ص وعن عمر بن الخطاب وعثمان وعائشة وعنه ابناه عمرو بن سعيد الاشدق وأبو سعيد وسالم بن عبد الله بن عمر وعروة بن الزبير وغيرهم وليس له فى المسند ولا فى الكتب الستة شىء وقد كان حسن السيرة جيد السريرة وكان كثيرا ما يجمع أصحابه فى كل جمعة فيطعمهم ويكسوهم الحلل ويرسل إلى بيوتهم بالهدايا والتحف والبر الكثير وكان يصر الصرر فيضعها بين يدى المصلين من ذوى الحاجات فى المسجد قال ابن عساكر وقد كانت له دار بدمشق تعرف بعده بدار نعيم وحمام نعيم بنواحى الديماس ثم رجع إلى المدينة فأقام بها إلى أن مات وكان كريما جوادا ممدحا ثم أورد شيئا من حديثه من طريق يعقوب بن سفيان حدثنا أبو سعيد الجعفى ثنا عبد الله بن الاجلح ثنا هشام بن عروة عن أبيه أن سعيد بن العاص قال إن رسول الله ص قال خياركم فى الاسلام خياركم فى الجاهلية وفى طريق الزبير بن بكار حدثنى رجل عن عبد العزيز بن ابان حدثنى خالد بن سعيد عن أبيه عن ابن عمر قال جاءت امرأة إلى رسول الله ص ببرد فقالت إنى نذرت أن أعطى هذا الثوب أكرم العرب فقال اعطه هذا الغلام يعنى سعيد بن العاص وهو واقف فلذلك سميت الثياب السعيدية وأنشد الفرزدق قوله فيه ... ترى الغر الجحاجح من قريش ... إذا ما الخطب فى الحدثان عالا ... قياما ينظرون إلى سعيد ... كأنهم يرون به هلالا ... .
وذكر أن عثمان عزل عن الكوفة المغيرة وولاها سعيد بن أبى وقاص ثم عزله وولاها الوليد ابن عتبة ثم عزله وولى سعيد بن العاص فأقام بها حينا ولم تحمد سيرته فيهم ولم يحبوه ثم ركب مالك بن الحارث وهو الأشتر النخعى فى جماعة إلى عثمان وسألوه أن يعزل عنهم سعيدا فلم يعزله وكان عنده بالمدينة فبعثه إليهم وسبق الأشتر إلى الكوفة فخطب الناس وحثهم على منعه من الدخول إليهم وركب الأشتر فى جيش يمنعوه من الدخول قيل تلقوه إلى العذيب وقد نزل سعيد بالرعثة فمنعوه من الدخول إليهم ولم يزالوا به حتى ردوه إلى عثمان وولى الأشتر أبا موسى