الدؤلي ألف وسبعمائة فكمل جيش علي في ثمانية وستين ألف فارس ومائتي فارس وقام على أمير المؤمنين خطيبا فحثهم على الجهاد والصبر عند لقاء العدو وهو عازم على الشام فبينما هو كذلك إذ بلغه أن الخوارج قد عاثوا في الأرض فسادا وسفكوا الدماء وقطعوا السبل واستحلوا المحارم وكان من جملة من قتلوه عبد الله بن خباب صاحب رسول الله A اسروه وامرأته معه وهي حامل فقالوا من أنت قال أنا عبد الله بن خباب صاحب رسول الله A وأنكم قد روعتموني فقالوا لا بأس عليك حدثنا ما سمعت من أبيك فقال سمعت أبي يقول سمعت رسول الله A يقول ستكون فتنة القاعد فيها خير من القائم والقائم خير من الماشي والماشي خير من الساعي فاقتادوه بيده فبينما هو يسير معهم إذ لقي بعضم خنزيرا لبعض أهل الذمة فضربه بعضهم فشق جلده فقال له آخر لم فعلت هذا وهو لذمي فذهب إلى ذلك الذمي فاستحله وأرضاه وبينا هو معهم إذ سقطت تمرة من نخلة فأخذها أحدهم فألقاها في فمه فقال له آخر بغير إذن ولا ثمن فألقاها ذاك من فمه ومع هذا قدموا عبد الله بن خباب فذبحوه وجاؤا إلى امرأته فقالت إني امرأة حبلى ألا تتقون الله فذبحوها وبقروا بطنها عن ولدها فلما بلغ الناس هذا من صنيعهم خافوا إن هم ذهبوا إلى الشام واشتغلوا بقتال أهله أن يخلفهم هؤلاء في ذراريهم وديارهم بهذا الصنع فخافوا غائلتهم وأشاروا على علي بأن يبدأ بهؤلاء ثم إذا فرغ منهم ذهب إلى أهل الشام بعد ذلك والناس آمنون من شر هؤلاء فاجتمع الرأي على هذا وفيه خيرة عظيمة لهم ولأهل الشام ايضا فأرسل علي إلى الخوارج رسولا من جهته وهو الحرب بن مرة العبدي فقال اخبر لي خبرهم واعلم لي أمرهم واكتب إلى به على الجلية فلما قدم عليهم قتلوه ولم ينظروه فلما بلغ ذلك عليا عزم على الذهاب إليهم أولا قبل أهل الشام .
مسير أمير المؤمنين علي إلى الخوارج .
لما عزم علي ومن معه من الجيش على البداءة بالخوارج نادى مناديه في الناس بالرحيل فعبر الجسر فصلى ركعتين عنده ثم سلك على دير عبد الرحمن ثم دير أبي موسى ثم على شاطىء الفرات فلقيه هنالك منجم فأشار عليه بوقت من النهار يسير فيه ولا يسير في غيره فأنه يخشى عليه فخالفه علي فسار على خلاف ما قال فأظفره الله وقال علي إنما أردت أن أبين للناس خطأه وخشيت أن يقول جاهل إنما ظفر لكونه وافقه وسلك على ناحية الأنبار وبعث بين يديه قيس ابن سعد وأمره أن يأتي المدائن وأن يتلقاه بنائبها سعد بن مسعود وهو أخو عبد الله بن مسعود الثقفي في جيش المدائن فاجتمع الناس هنالك على علي وبعث إلى الخوارج أن ادفعوا إلينا قتلة إخواننا منكم حتى أقتلهم ثم أنا تارككم وذاهب إلى العرب يعني أهل الشام ثم لعل الله أن يقبل بقلوبكم ويردكم إلى خير مما أنتم عليه فبعثوا إلى علي يقولون كلنا قتل إخوانكم ونحن