ولكن اخرجوا وحدانا لئلا يفطن بكم فكتبوا كتابا عاما إلى من هو علي مذهبهم ومسلكهم من أهل البصرة وغيرها وبعثوا به إليه ليوافوهم إلى النهر ليكونوا يدا واحدة عل الناس ثم خرجوا يتسللون وحدانا لئلا يعلم أحد بهم فيمنعوهم من الخروج فخرجوا من بين الآباء والأمهات والأخوال والخالات وفارقوا سائر القرابات يعتقدون بجهلهم وقلة علمهم وعقلهم أن هذا الأمر يرضى رب الأرض والسموات ولم يعلموا أنه من أكبر الكبائر الموبقات والعظائم والخطيئات وأنه مما زينه لهم إبليس الشيطان الرجيم المطرود عن السموات الذي نصب العداوة لأبينا آدم ثم لذريته ما دامت أرواحهم في أجسادهم مترددات والله المسئول أن يعصمنا منه بحوله وقوته إنه مجيب الدعوات وقد تدارك جماعة من الناس بعض أولادهم وإخوانهم فردوهم وأنبوهم ووبخوهم فمنهم من استمر على الاستقامة ومنهم من فر بعد ذلك فلحق بالخوارج فخسر إلى يوم القيامة وذهب الباقون إلى ذلك الموضع ووافى إليهم من كانوا كتبوا إليه من أهل البصر وغيرها واجتمع الجميع بالنهروان وصارت لهم شوكة ومنعه وهم جند مستقلون وفيهم شجاعة وعندهم أنهم متقربون بذلك فهم لا يصطلى لهم بنار ولا يطمع في أن يؤخذ منهم بثأر وبالله المستعان وقال أبو مخنف عن أبي رزق ؟ عن الشعبي أن عليا لما خرجت الخوارج إلى النهروان وأن وهرب ابو موسى إلى مكة ورد ابن عباس إلى البصرة قام في الناس بالكوفة خطيبا فقال الحمد لله وإن أتى الدهر بالخطب الفادح والحدثان الجليل الكادح وأشهد أن لا إله غيره وأن محمدا رسول الله أما بعد فأن المعصية تشين وتسوء وتورث الحسره وتعقب الندم وقد كنت أمرتكم في هذين الرجلين وفي هذه الحكومة بأمري ونحلتكم رأيي فأبيتم إلا ما أردتم فكنت أنا وأنتم كما قال أخو هوازن ... بذلت لهم نصحى بمنعرج اللوى ... فلم يستبينوا الرشد إلاضحى الغد ... .
ثم تكلم فيما فعله الحكمان فرد عليهما ما حكما به وأنبهما وقال ما فيه حط عليهما ثم ندب الناس إلى الخروج إلى الجهاد في أهل الشام وعين لهم يوم الاثنين يخرجون فيه وإلى ابن عباس وإلى البصرة يستنفر له الناس إلى الخروج إلىأهل الشام وكتب إلى الخوارج يعلمهم أن الذي حكم به الحكمان مردود عليهما وأنه قد عزم على الذهاب إلى الشام فهلموا حتى نجتمع على قتالهم فكتبوا إليه أما بعد فأنك لم تغضب لربك وإنما غضبت لنفسك وإن شهدت على نفسك بالكفر واستقبلت التوبة نظرنا فيما بيننا وبينك وإلا فقد نابذناك على سواء إن الله لا يحب الخائنين فلما قرأ على كتابهم يئس منهم وعزم على الذهاب إلى أهل الشام ليناجزهم وخرج من الكوفة إلى النخيلة في عسكر كثيف خمسة وستين ألفا وبعث إليه ابن عباس بثلاثة آلاف ومائتي فارس من أهل البصرة مع جارية بن قدامة ألف وخمسمائة ومع أبي الأسود