وحثهم على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ثم قال فاخرجوا بنا إخواننا من هذه القرية الظالم أهلها إلى جانب هذا السواد إلى بعض كور الجبال أو بعض هذه المدائن منكرين لهذه الأحكام الجائرة ثم قام حرقوس بن زهير فقال بعد حمد الله والثناء عليه إن المتاع بهذه الدنيا قليل وإن الفراق لها وشيك فلا يدعونكم زينتها أو بهجتها إلى المقام بها ولا تلتفت بكم عن طلب الحق وإنكار الظلم إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون فقال سنان بن حمزة الأسدي يا قوم إن الرأي ما رأيتم وإن الحق ما ذكرتم فولوا أمركم رجلا منكم فأنه لا بد لكم من عماد وسناد ومن راية تحفون بها وترجعون إليها فبعثوا إلى زيد بن حصن الطائي وكان من رؤسهم فعرضوا عليه الأمارة فأبى ثم عرضوها على حرقوص بن زهير فأبى وعرضوها على حمزة بن سنان فابى وعرضوها على شريح بن أبي أوفى العبسي فأبى وعرضوها على عبد الله بن وهب الراسبي فقبلها وقال أما والله لا أقبلها رغبة في الدنيا ولا أدعها فرقا من الموت واجتمعوا ايضا في بيت زيد بن حصن الطائي السنبسي فخطبهم وحثهم على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وتلا عليهم آيات من القرآن منها قوله تعالى يا داود إنا جعلناك خليفة في الأرض فاحكم بين الناس بالحق ولا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله الآية وقوله تعالى ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون } وكذا التي بعدها وبعدها الظالمون الفاسقون ثم قال فأشهد علىأهل دعوتنا من أهل قبلتنا أنهم قد اتبعوا الهوى ونبذوا حكم الكتاب وجاروا في القول والأعمال وأن جهادهم حق على المؤمنين فبكى رجل منهم يقال له عبد الله بن سخبرة السلمي ثم حرض اولئك على الخروج على الناس وقال في كلامه اضربوا وجوههم وجباههم بالسيوف حتى يطاع الرحمن الرحيم فأن أنتم ظفرتم وأطيع الله كما أردتم أثابكم ثواب المطيعين له العاملين بأمره وإن قتلتم فأي شيء أفضل من المصير إلىرضوان الله وجنته قلت وهذا الضرب من الناس من أغرب أشكال بني آدم فسبحان من نوع خلقه كما أراد وسبق في قدره العظيم وما أحسن ما قال بعض السلف في الخوارج إنهم المذكورون في قوله تعالى قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالا الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا اولئك الذين كفروا بآيات ربهم ولقائه فحبطت أعمالهم فلا نقيم لهم يوم القيامة وزنا والمقصود أن هؤلاء الجهلة الضلال والأشقياء في الأقوال والأفعال اجتمع رأيهم على الخروج من بين أظهر المسلمين وتواطئوا على المسير إلى المدائن ليملكوها عل الناس ويتحصنوا بها ويبعثوا إلى إخوانهم وأضرابهم ممن هو علي رايهم ومذهبهم من أهل البصرة وغيرها فيوافوهم إليها ويكون اجتماعهم عليها فقال لهم زيد بن حصن الطائي إن المدائن لا تقدرون عليها فأن بها جيشا لا تطيقونه وسيمنعوها منكم ولكن واعدوا إخوانكم إلى جسر نهر جوخى ولا تخرجوا من الكوفة جماعات