السلف والخلف في الدنيا والآخرة ولله الحمد وما قد يقصه بعض القصاص من العوام وغيرهم في الأسواق وغيرها من الوصية لعلي في الآداب والأخلاق في المأكل والمشرب والملبس مثل ما يقولون يا علي لا تعتم وأنت قاعد يا علي لا تلبس سراويلك وأنت قائم يا علي لا تمسك عضادتي الباب ولا تجلس على أسكفة الباب ولا تخيط ثوبك وهو عليك ونحو ذلك كل ذلك من الهذيانات فلا أصل لشيء منه بل هو اختلاق بعض السفلة الجهلة ولا يعول على ذلك ويغتر به إلا غبي عيى ثم لما مات رسول الله A كان علي من جملة من غسله وكفنه وولي دفنه كما تقدم ذلك مفصلا ولله الحمد والمنة وسيأتي في باب فضائله ذكر تزويج رسول الله A له من فاطمة بعد وقعة بدر فولد له منها حسن وحسين ومحسن كما قدمنا وقد وردت أحاديث في ذلك لا يصح شيء منها بل أكثرها من وضع الروافض والقصاص ولما بويع الصديق يوم السقيفة كان علي من جملة من بايع بالمسجد كما قدمنا وكان بين يدي الصديق كغيره من أمراء الصحابة يرى طاعته فرضا عليه وأحب الأشياء إليه ولما توفيت فاطمة بعد ستة أشهر وكانت قد تغضبت بعض الشيء على أبي بكر بسبب الميراث الذي فاتها من أبيها عليه السلام ولم تكن اطلعت علىالنص المختص بالأنبياء وأنهم لا يورثون فلما بلغها سألت أبا بكر أن يكون زوجها ناظرا على هذه الصدقة فأبى ذلك عليها فبقي في نفسها شيء كما قدمنا واحتاج علي أن يداريها بعض المداراه فلما توفيت جدد البيعة مع الصديق Bهما فلما توفي أبو بكر وقام عمر في الخلافة بوصية أبي بكر إليه بذلك كان علي من جملة من بايعه وكان معه يشاوره في الأمور ويقال إنه استقضاه في أيام خلافته وقدم معه من جملة سادات أمراء الصحابة إلى الشام وشهد خطبته بالجابية فلما طعن عمر وجعل الأمر شورى في ستة أحدهم علي ثم خلص منهم بعثمان وعلي كما قدمنا فقدم عثمان على علي فسمع وأطاع فلما قتل عثمان يوم الجمعة لثمان عشرة خلت من ذي الحجة سنة خمسة وثلاثين على المشهور .
عدل الناس إلى علي فبايعوه قبل أن يدفن عثمان وقيل بعد دفنه كما تقدم وقد امتنع علي من إجابتهم إلى قبول الإمارة حتى تكرر قولهم له وفر منهم إلى حائط بني عمرو بن مبدول وأغلق بابه فجاء الناس فطرقوا الباب وولجوا عليه وجاؤوا معهم بطلحة والزبير فقالوا له إن هذا الأمر لا يمكن بقاؤه بلا أمير ولم يزالوا به حتى أجاب .
ذكر بيعة علي Bه بالخلافة .
يقال أن أول من بايعه طلحة بيده اليمنى وكان شلاء من يوم أحد لما وقى بها رسول الله A فقال بعض القوم والله إن هذا الأمر لا يتم وخرج علي إلى المسجد فصعد المنبر وعليه إزار وعمامة خز ونعلاه في يده توكأ على قوسه فبايعه عامة الناس وذلك يوم السبت التاسع عشر