ينفعكم ذلك لأن الله لا يهدي من يضل وما لهم من ناصرين فلست أتأسف بعد هذا عليكم لأنكم لم تكونوا تقبلون النصيحة ولا تخافون يوم الفضيحة ولهذا قال فكيف آسى أي احزن على قوم كافرين أي لا تقبلون الحق ولا ترجعون إليه ولا ! تلتفون إليه فحل بهم من بأس الله الذي لا يرد ما لا يدافع ولا يمانع ولا محيد لأحد أريد به عنه ولا مناص منه .
وقد ذكر الحافظ ابن عساكر في تاريخه عن ابن عباس أن شعيبا عليه السلام كان بعد يوسف عليه السلام وعن وهب بن منبه أن شعيبا عليه السلام مات بمكة ومن معه من المؤمنين وقبورهم غربي الكعبة بين دار الندوة ودار بني سهم .
باب ذرية إبراهيم .
قد قدمنا قصته مع قومه وما كان من امرهم وما آل إليه أمره عليه السلام والتحية والإكرام وذكرنا ما وقع في زمانه من قصة قوم لوط وأتبعنا ذلك بقصة مدين قوم شعيب عليه السلام لأنها قرينتها في كتاب الله D في مواضع متعددة فذكر تعالى بعد قصة قوم لوط قصة مدين وهم أصحاب الأيكة على الصحيح كما قدمنا فذكرناها تبعا لها إقتداء بالقرآن العظيم ثم نشرع الآن في الكلام على تفصيل ذرية إبراهيم عليه السلام لأن الله جعل في ذريته النبوة والكتاب فكل نبي أرسل بعده فمن ولده .
إسماعيل عليه السلام .
وقد كان للخليل بنون كما ذكرنا ولكن أشهرهم الأخوان النبيان العظيمان الرسولان أسنهما وأجلهما الذي هو الذبيح على الصحيح إسماعيل بكر إبراهيم الخليل من هاجر القبطية المصرية عليها السلام من العظيم الجليل ومن قال إن الذبيح هو إسحق فإنما تلقاه من نقله بني إسرائيل الذين بدلوا وحرفو وأولوا التوراة والإنجيل وخالفوا بأيديهم في هذا من التنزيل فإن إبراهيم أمر بذبح ولده البكر وفي رواية الوحيد وأياما كان فهو إسماعيل بنص الدليل ففي نص كتابهم إن إسماعيل ولد ولإبراهيم من العمر ست وثمانون سنة وإنما ولد إسحق بعد مضى مائة سنة من عمر الخليل فإسماعيل هو البكر لا محالة وهو الوحيد صورة ومعنى على كل حالة أما في الصورة فلأنه كان وحده ولده أزيد من ثلاثة عشر سنة وأما أنه وحيد في المعنى فإنه هو الذي هاجر به أبوه ومعه أمه هاجر وكان صغيرا رضيعا فيما قيل فوضعهما في وهاد جبال فاران وهي الجبال التي حول مكة نعم المقيل وتركهما هنالك ليس معهما من الزاد والماء إلا القليل وذلك ثقة بالله وتوكلا عليه فحاطهما الله تعالى بعنايته وكفايته فنعم الحسيب والكافي والوكيل