القطط ولا بالسبط كان جعدا رجلا ولم يكن بالمطهم ولا بالمكلثم وكان في الوجه تدوير أبيض مشربا أدعج العينين أهدب الاشفار جليل المشاش والكتد أجرد ذو مسربة شثن الكفين والقدمين إذا مشى تقلع كأنما يمشي في صبب وإذا التفت التفت معا بين كتفيه خاتم النبوة أجود الناس كفا وأرحب الناس صدرا وأصدق الناس لهجة وأوفى الناس ذمة وألينهم عريكة وألزمهم عشرة من رآه بديهة هابة ومن خالطه معرفة أحبه يقول ناعته لم أر قبله ولا بعده مثله وقد روى هذا الحديث الامام أبو عبيد القاسم بن سلام في كتاب الغريب ثم روى عن الكسائي والاصمعي وأبي عمرو تفسير غريبه وحاصل ما ذكره مما فيه غرابة أن المطهم هو الممتلئ الجسم والمكلثم شديد تدوير الوجه يعني لم يكن بالسمين الناهض ولم يكن ضعيفا بل كان بين ذلك ولم يكن وجهه في غاية التدوير بل فيه سهولة وهي أحل عند العرب ومن يعرف وكان أبيض مشربا حمرة وهي أحسن اللون ولهذا لم يكن أمهق اللون والادعج هو شديد سواد الحدقة وجليل المشاش هو عظيم رءوس العظام مثل الركبتين والمرفقين والمنكبين والكتد الكاهل وما يليه من الجسد وقوله شثن الكفين أي غليظهما وتقلع في مشيته أي شديد المشية وتقدم الكلام على الشكلة والشهلة والفرق بينهما والاهدب طويل أشفار العين وجاء في حديث أنه كان شبح الذراعين يعني غليظهما والله تعالى اعلم .
حديث ام معبد في ذلك .
قد تقدم الحديث بتمامه في الهجرة من مكة الى المدينة حين ورد عليها رسول الله A ومعه أبو بكر ومولاه عامر بن فهيرة ودليلهم عبد الله بن أريقط الديلي فسألوها هل عندها لبن أو لحم يشترونه منها فلم يجدوا عندها شيئا وقالت لو كان عندنا شيء ما أعوزكم القرى وكانوا ممحلين فنظر إلى شاة في كسر خيمتها فقال ما هذه الشاة يا أم معبد فقالت خلفها الجهد فقال أتأذنين أن أحلبها فقالت إن كان بها حلب فاحلبها فدعا بالشاة فمسحها وذكر اسم الله فذكر الحديث في حلبه منها ما كفاهم أجمعين ثم حلبها وترك عندها إناءها ملأى وكان يربض الرهط فلما جاء بعلها استنكر اللبن وقال من أين لك هذا يا أم معبد ولا حلوبة في البيت والشاء عازب فقالت لا والله إنه مر بنا رجل مبارك كان من حديثه كيت وكيت فقال صفيه لي فوالله إني لأراه صاحب قريش الذي تطلب فقالت رأيت رجلا ظاهر الوضاءة حسن الخلق مليح الوجه لم تعبه ثجلة ولم تزربه صعلة قسيم وسيم في عينيه دعج وفي أشفاره وطف وفي صوته صحل أحور أكحل أزج أقرن في عنقه سطع وفي لحيته كثاثة إذا صمت فعليه الوقار وإذا تكلم سما وعلاه البهاء حلو المنطق فصلا لا نزر ولا هذر كأن منطقه خرزات نظم ينحدرن أبهى الناس وأجمله من بعيد