ربي انصرني استبعدوا المعاد وانكروا قيام الأجساد بعد صيرورتها ترابا وعظاما وقالوا هيهات هيهات أي بعيد بعيد هذا الوعد إن هي إلا حياتنا الدنيا نموت ونحى وما نحن بمبعوثين أي يموت قوم ويحيى آخرون وهذا هو اعتقاد الدهرية كما يقول بعض الجهلة من الزنادقة أرحام تدفع وأرض تبلغ .
وأما الدورية فهم الذين يعتقدون أنهم يعودون إلى هذه الدار بعد كل ستة وثلاثين ألف سنة وهذا كله كذب وكفر وجهل وضلال وأقوال باطلة وخيال فاسد بلا برهان ولا دليل يستميل عقل الفجرة الكفرة من بني آدم الذين لا يعقلون ولا يهتدون كما قال تعالى ولتصغي إليه أفئدة الذين لا يؤمنون بالآخرة وليرضوه وليقترفوا ما هم مقترفون وقال لهم فيما وعظهم به أتبنون بكل ريع آية تعبثون وتتخذون مصانع لعلكم تخلدون يقول لهم أتبنون بكل مكان مرتفع بناء عظيما هائلا كالقصور ونحوها تعبثون ببنائها لأنه لا حاجة لكم فيه وما ذاك إلا لأنهم كانوا يسكنون الخيام كما قال تعالى ألم تر كيف فعل ربك بعاد إرم ذات العماد التي لم يخلق مثلها في البلاد فعاد إرم هم عاد الأولى الذين كانوا يسكنون الأعمدة التي تحمل الخيام .
ومن زعم أن إرم مدينة من ذهب وفضة وهي تتنقل في البلاد فقد غلط وأخطأ وقال ما لا دليل عليه وقوله وتتخذون مصانع قيل هي القصور وقيل بروج الحمام وقيل مآخذ الماء لعلكم تخلدون أي رجاء منكم أن تعمروا في هذه الدار أعمارا طويلة وإذا بطشتم بطشتم جبارين فاتقوا الله وأطيعون واتقوا الذي أمدكم بما تعلمون أمدكم بأنعام وبنين وجنات وعيون إني أخاف عليكم عذاب يوم عظيم وقالوا له مما قالوا أجئتنا لنعبد الله وحده ونذر ما كان يعبد آباؤنا فاتنا بما تعدنا إن كنت من الصادقين أي أجئتنا لنعبد الله وحده ونخالف آباءنا وأسلافنا وما كانوا عليه فإن كنت صادقا فيما جئت به فأتنا بما تعدنا من العذاب والنكال فإنا لا نؤمن بك ولا نتبعك ولا نصدقك كما قالوا سواء علينا أوعظت أم لم تكن من الواعظين إن هذا إلا خلق الأولين وما نحن بمعذبين أما على قراءة فتح الخاء فالمراد به اختلاق الأولين أي أن هذا الذي جئت به الا اختلاق منك وأخذته من كتب الأولين هكذا فسره غير واحد من الصحابة والتابعين وأما على قراءة ضم الخاء واللام فالمراد به الدين أي أن هذا الدين الذي نحن عليه الا دين الآباء والأجداد من أسلافنا ولن نتحول عنه ولا نتغير ولا نزال متمسكين به ويناسب كلا القراءتين الأولى والثانية قولهم وما نحن بمعذبين قال قد وقع عليكم من ربكم رجس وغضب أتجادلونني في أسماء سميتموها أنتم وآباؤكم ما نزل الله بها من سلطان فانتظروا إني معكم من المنتظرين أي قد استحقيتم بهذه المقالة الرجس والغضب من الله أتعارضون عبادة الله وحده لا شريك له بعبادة أصنام أنتم نحتموها وسميتموها آلهة من تلقاء أنفسكم اصطلحتم عليها أنتم وآباؤكم ما نزل الله بها من سلطان أي لم ينزل على ما ذهبتم إليه دليلا ولا