نترك عبادة أصنامنا عن مجرد قولك بلا دليل أقمته ولا برهان نصبته وما نظن إلا أنك مجنون فيما تزعمه وعندنا إنما أصابك هذا أن بعض آلهتنا غضب عليك فأصابك في عقلك فاعتراك جنون بسبب ذلك وهو قولهم إن نقول إلا اعتراك بعض آلهتنا بسوء قال إني أشهد الله واشهدوا أني برىء مما تشركون من دونه فكيدوني جميعا ثم لا تنظرون وهذا تحد منه لهم وتبر من آلهتهم وتنقص منه لها وبيان أنها لا تنفع شيئا ولا تضر وأنها جماد حكمها حكمه وفعلها فعله فإن كانت كما تزعمون من أنها تنصر وتنفع وتضر فها أنا برىء منها لاعن لها فكيدوني ثم لا تنظرون أنتم جميعا بجميع ما يمكنكم أن تصلوا إليه وتقدروا عليه ولا تؤخروني ساعة واحدة ولا طرفة عين فإني لا أبالي بكم ولا أفكر فيكم ولا أنظر إليكم إني توكلت على الله ربي وربكم ما من دابة إلا هو آخذ بناصيتها إن ربي على صراط مستقيم أي أنا متوكل على الله ومتأيد به وواثق بجنابه الذي لا يضيع من لاذ به واستند إليه فلست أبالي مخلوقا سواه ولست أتوكل إلا عليه ولا أعبد إلا إياه وهذا وحده برهان قاطع على أن هودا عبدالله ورسوله وأنهم على جهل وضلال في عبادتهم غير الله لأنهم لم يصلوا إليه بسوء ولا نالوا منه مكروها فدل على صدقه فيما جاءهم به وبطلان ما هم عليه وفساد ما ذهبوا إليه وهذا الدليل بعينه قد استدل به نوح عليه السلام قبله في قوله يا قوم إن كان كبر عليكم مقامي وتذكيري بآيات الله فعلى الله توكلت فأجمعوا أمركم وشركاءكم ثم لا يكن أمركم عليكم غمة ثم اقضوا إلي ولا تنظرون وهكذا قال الخليل عليه السلام ولا أخاف ما تشركون به إلا أن يشاء ربي شيئا وسع ربي كل شيء علما أفلا تتذكرون وكيف أخاف ما أشركتم ولا تخافون أنكم أشركتم بالله ما لم ينزل به عليكم سلطانا فأي الفريقين أحق بالأمن إن كنتم تعلمون الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الامن وهم مهتدون وتلك حجتنا آتيناها إبراهيم على قومه نرفع درجات من نشاء إن ربك حكيم عليم وقال الملأ من قومه الذين كفروا وكذبوا بلقاء الآخرة وأترفناهم في الحياة الدنيا ما هذا إلا بشر مثلكم يأكل مما تأكلون منه ويشرب مما تشربون ولئن أطعتم بشرا مثلكم إنكم إذا لخاسرون أيعدكم أنكم إذا متم وكنتم ترابا وعظاما أنكم مخرجون استبعدوا أن يبعث الله رسولا بشريا وهذه الشبهة أدلى بها كثير من جهلة الكفرة قديما وحديثا كما قال تعالى أكان للناس عجبا أن أوحينا إلى رجل منهم أن أنذر الناس وقال تعالى وما منع الناس أن يؤمنوا إذ جاءهم الهدي إلا أن قالوا أبعث الله شبرا رسولا قل لو كان في الأرض ملائكة يمشون مطمئنين لنزلنا عليهم من السماء ملكا رسولا ولهذا قال لهم هود عليه السلام أوعجبتم أن جاءكم ذكر من ربكم على رجل منكم لينذركم أي ليس هذا بعجيب فإن الله أعلم حيث يجعل رسالته وقوله أيعدكم أنكم إذا متم وكنتم ترابا وعظاما أنكم مخرجون هيهات هيهات لما توعدون إن هي إلا حياتنا الدنيا نموت ونحى وما نحن بمبعوثين إن هو إلا رجل افترى على الله كذبا وما نحن له بمؤمنين قال