ومن نظر في التوراة وما اشتملت عليه من حكاية حال الأنبياء من لدن آدم إلى موسى وجد القرآن موافقا لما فيها غير مخالف لها وهكذا ما اشتملت عليه التوراة مما اتفق الموسى وبني إسرائيل في مصر مع فرعون وما كان من تلك الحوادث من الآيات البينات التي جاء بها .
ومن تلك العقوبات التي عوقب بها فرعون وقومه ثم ما كان من بني إسرائيل مع موسى من بعد خروجهم من مصر إلى عند موت موسى مع طول تلك المدة وكثرة تلك الحوادث فإن القرآن حكى ذلك كما هو وذكره بصفته من غير مخالفة ثم ما كان من الأنبياء الذين جاءوا بعد موسى إلى عند قيام المسيح فإن القرآن الكريم حكى قصصهم وما جرى لهم وما قالوه لقومهم وما قاله قومهم لهم وما وقع بينهم من الحوادث وكان ما حكاه القرآن موافقا لما في كتب نبوة أولئك الأنبياء من غير مخالفة .
ثم هكذا ما حكاه القرآن عن نبوة المسيح وما جرى له وأحواله وحوادثه فإنه موافق لما اشتمل عليه الإنجيل من غير مخالفة .
ومعلوم لكل عاقل يعرف أحوال نبينا أنه كان أميا لا يقرأ ولا يكتب وكان منذ ولد إلى أن بعثه الله D بين قومه وهم قوم مشركون لا يعرفون شيئا من أحوال الأنبياء ولا يدرون بشيء من الشرائع ولا يخالطون أحدا من اليهود والنصارى ولا يعرفون شيئا من شرائعهم وإن عرفوا فردا منها فليس ذلك إلا في مثل ما هو متقرر بينهم يعملون به في عباداتهم ومعاملاتهم باعتبار ما يشتهر عنهم في ذلك كما يبلغ بعض أنواع العالم عن البعض الآخر فإنه قد يبلغهم بعض ما يتمسكون به في دينهم باعتبار اشتهار ذلك عنهم .
وأما العلم بأحوال الأنبياء وما جاءوا به والى من بعثهم الله وما قالوا لقومهم وما أجابوهم به وما جرى بينهم من الحوادث كلياتها وجزئياتها وفي أي عصر كان كل واحد منهم والى من بعثه الله وكون هذا النبي كان متقدما على هذا وهذا كان متأخرا عن هذا مع كثرة عددهم وطول مددهم واختلاف أنواع قومهم واختلاف ألسنتهم وتباين