@ 260 @ ( ^ الماكرين ( 30 ) وإذا تتلى عليهم آياتنا قالوا قد سمعنا لو نشاء لقلنا مثل هذا إن هذا إلا ) * * * * عليهم إبليس في صورة شيخ ، فقالوا له : ما الذي أدخلك علينا ؟ قال : أنا شيخ من نجد ، ولست من تهامة ، وقد بلغني اجتماعكم في أمر هذا الرجل ، وأنه لا يعدمكم مني رأي ، فقالوا : اتركوه ، ثم تشاوروا ، فقال عتبة : اربطوه على جمل وأخرجوه من بلدكم تكفكموه العرب ، فقال إبليس : ليس هذا برأي ، أما ترون حلاوة منطقه وأخذه القلوب ، فلو فعلتم به ذلك يذهب فيستميل قلوب قوم ثم يغزوكم ويفرق جمعكم ، فتركوا ذلك ، فقال أبو البختري بن هشام : نحبسه في بيت ونتربص به ريب المنون ، فقال إبليس : ليس هذا برأي ، فإن له عشيرة وقوما لا يرضون به ويخرجونه ، فتركوا ذلك ، فقال أبو جهل : عندي رأي ، هذه خمسة أحياء من قريش ، نختار من كل حي شابا قويا ونضع في يده سيفا حادا ، ونأمرهم أن يضربوه دفعة واحدة حتى يتفرق دمه في القبائل ، ويعجز قومه عن القتال فيرضون بالدية ، فقال إبليس : هذا هو الرأي ، وتفرقوا عليه ، فأخبره الله تعالى يمكرهم ، ونزلت الآية ، فروى أن النبي بعث أبا بكر ليتفحص عن حالهم ، فلما جاء إليهم فإذا إبليس قد خرج من بينهم ، فماشاه ساعة ثم لما أراد أن يفارقه قال له أبو بكر : أين تريد ؟ فقال [ له ] اللعين : لي قوم بهذا الوادي ، فعلم أبو بكر أنه إبليس ، فقال الحمد لله الذي أخزاك واظهر دينه ، فاختفى منه ؛ فقوله ( ^ وإذ يمكر بك الذين كفروا ) هو مكرهم ذلك ، والمكر : التدبير ( ^ ليثبتوك ) أي : ليحبسوك كما قال أبو البختري ( ^ أو يقتلوك ) كما قال أبو جهل ( ^ أو يخرجوك ) كما قال عتبة . .
( ^ ويمكرون ويمكر الله ) والمكر من الله : التدبير بالحق ، وقيل : هو الأخذ بغتة . قال الزجاج معناه : يجازيهم جزاء المكر . .
( ^ والله خير الماكرين ) أي : خير المدبرين . .
قوله تعالى : ( ^ وإذا تتلى عليهم آياتنا قالوا قد سمعنا لو نشاء لقلنا مثل هذا ) هذا قول النضر بن الحارث بن كلدة ، وكان قد خرج إلى الحيرة من أرض العراق