@ 11 @ .
ومعنى قوله : ( ^ اليوم أكملت لكم دينكم ) أي : في الشرائع والأحكام ؛ لأنها نزلت بعد استقرار الشرائع والأحكام ، وقيل : لم ينزل بعد هذه الآية شيء من الأحكام حتى قيل : إن قوله : ( ^ يستفتونك ) في آية الكلالة ، إنما نزل قبل هذه الآية ، وقيل : بعدها . .
واعلم أن الشرائع لم تنزل جملة ، وإنما نزلت شيئا فشيئا ، فإن في الابتداء حين كان بمكة كان الواجب الإتيان بالشهادتين ، والإيمان بالبعث ، والجنة والنار ، وركعتين غدوة ، وركعتين عشية ، وأن يكفوا أيديهم عن القتال ، ويصبروا على أذى المشركين ، فلما كان ليلة المعراج - وهي قبل الهجرة بثمانية عشر شهرا - فرض الله عليه وعلى أمته خمسين صلاة ، ثم ردت إلى خمس صلوات ، كما عرف في القصة ، ثم لما هاجر إلى المدينة ، فرض الله عليه الجهاد ، والزكاة ، ثم الصوم سنة الثالث من الهجرة ، وفرض الحج سنة السابع من الهجرة ، ثم فتح مكة ، فلما حجة الوداع ؛ أنزلت هذه الآية سنة عشر من الهجرة ، ولم ينزل بعدها شيء من الأحكام كما بينا ، وعاش بعد ذلك رسول الله إحدى وثمانين ليلة ، وتوفي في اليوم الثاني من ربيع الأول ، وقيل : توفي في الثاني عشر من ربيع الأول ، وهذا أصح . .
وكانت هجرته في الثاني عشر من ربيع الأول أيضا ، واستكمل عشر سنين ، وخرج من الدنيا . .
وفيه قول آخر : أن معنى قوله : ( ^ اليوم أكملت لكم دينكم ) أي : أمنتكم من العدو ، وأظهرت دينكم ، وأتممت عليكم نعمتي ، ورضيت لكم الإسلام دينا ، روت عائشة عن النبي أنه قال : ' يقول الله - تعالى - : إني نظرت في الأديان فارتضيت لكم الإسلام دينا ؛ فأكرموه بالسخاء ، وحسن الخلق ما صحبتموه ، فإن