@ 503 @ ( ^ تكليما ( 164 ) رسلا مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل وكان الله عزيزا حكيما ( 165 ) لكن الله يشهد بما أنزل إليك أنزله بعلمه والملائكة يشهدون ) * * * * .
قال الفراء ، وثعلب : إن العرب تسمى ما توصل إلى الإنسان : كلاما ، بأي طريق وصل إليه ، ولكن لا تحققه بالمصدر ، فإذا حقق الكلام بالمصدر ، لم تكن إلا حقيقة الكلام ، وهذا كالإرادة ، يقال : أراد فلان إرادة ، فيكون حقيقة الإرادة ، ولا يقال : أراد الجدار أن يسقط إرادة ، وإنما يقال : أراد الجدار ، من غير ذكر المصدر ؛ لأنه مجاز ، فلما حقق الله كلامه موسى بالتكليم ، عرف أنه حقيقة الكلام من غير واسطة ، قال ثعلب : وهذا دليل من قول الفراء أنه ما كان يقول بخلق القرآن . .
فإن قال قائل : بأي شئ عرف موسى أنه كلام الله ؟ قيل : بتعريف الله - تعالى - إياه ، وإنزال آية عرف موسى بتلك الآية أنه كلام الله - تعالى - ، وهذا مذهب أهل السنة أنه سمع كلام الله حقيقة ، بلا كيف ، وقال وائل بن داود : معنى قوله : ( ^ وكلم الله موسى تكليما ) أي : مرارا ، كلاما بعد كلام . .
قوله - تعالى - : ( ^ رسلا مبشرين ومنذرين ) أي : أرسلنا رسلا ( ^ لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل ) وهذا دليل على أن الله - تعالى - لا يعذب الخلق قبل بعثه الرسل ، وهذا معنى قوله : ( ^ وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا ) وقال - تعالى - ( ^ ولو أنا أهلكناهم بعذاب من قبله لقالوا ربنا لولا أرسلت إلينا رسولا فنتبع آياتك من قبل أن نذل ونخزى ) . .
( ^ وكان الله عزيزا ) أي : مقتدرا على معاونة الخلق ( حكيما ) ببعث الرسل . وفي حديث أبي الدرداء أنه قال : ' سألت رسول الله عن عدد الأنبياء فقال : مائة وأربعة وعشرون ألفا ، فقلت : كم الرسل منهم ؟ قال : ثلثمائة وخمسة عشر [ جما غفيرا ] ' .