@ 368 @ .
( ^ الأذقان فهم مقحمون ( 8 ) وجعلنا من بين أيديهم سدا ومن خلفهم سدا فأغشيناهم ) * * * * بذكرها عن ذكر الأيدي ، قال الأزهري : معنى الآية : إنا جعلنا في أعناقهم وأيديهم أغلالا ، فهي كناية عن الأيدي . .
فإن قيل : فكيف يكنى عن الأيدي ولم يجر لها ذكر ؟ والجواب عنه : أن العرب تكني عن الشيء وإن لم تجر له ذكرا ، إذا كان معلوما . .
قال الشاعر : .
( ولا أدري إذا يممت أرضا % أريد الخير أيهما يليني ) .
( أألخير الذي أنا أبتغيه % أم الشر الذي هو يبتغيني ) .
فقد كنى بقوله : أيهما عن الشر والخير ، والشر غير مذكور . .
وقوله : ( ^ إلى الأذقان ) معناه : إلى الأعناق إلا أنه ذكر الأذقان لقرب الأعناق من الأذقان ، وقوله : ( ^ فهم مقحمون ) المقمح : هو الذي رفع رأسه وغض طرفه ، والعرب تسمى الكانونين شهري القماح ؛ لأن الإبل ترد الماء وتشرب ، فترفع رأسها من شدة البرد ، قال الشاعر : .
( ونحن على جوانبه قعود % نغض الطرف كالإبل القماح ) .
وقرأ ابن مسعود : ' إنا جعلنا في أيمانهم أغلالا ' ، وهي قراءة معروفة عنه . .
قوله تعالى : ( ^ وجعلنا من بين أيديهم سدا ) وقرئ : ' سدا ' برفع السين . .
قال عكرمة : ما كان من صنع الله فهو سد ، وما كان من صنع المخلوقين فهو سد ، وقال غيره : السد ما يرى ، والسد ما لا يرى ، ومنهم من لم يفرق بينهما ، وقال هما بمعنى واحد . .
قال أهل التفسير : ذكر السد ها هنا على طريق ضرب المثل ، وكذلك ذكر الأغلال في الآية الأولى على قول بعضهم ، والمعنى من ذكر الأغلال منعهم عن الإنفاق في