- روى أبو داود والنسائي مرفوعا : [ [ كفى بالمرء إثما أن يضيع من يقوت ] ] . وفي رواية للنسائي : [ [ من يعول ] ] . وروى ابن حبان في صحيحه : [ [ إن الله تعالى سائل كل راع عما استرعاه حفظه أم ضيعه حتى يسأل الرجل عن أهل بيته ] ] . والله أعلم .
- ( أخذ علينا العهد العام من رسول الله A ) أن لا نشتغل بشيء من العبادات ونترك الكسب بحيث نضيع عيالنا وأنفسنا ونحتاج كلنا إلى سؤال الناس وهذا العهد يقع في خيانته كثير من المتعبدين وطلبة العلم . فيحتاج من يريد العمل به إلى سلوك الطريق على يد شيخ يعلمه مراتب العبادات وما هو الأولى منها ليقدمه على غير الأولى لأن عمر الإنسان أعز من الدنيا وما فيها وهو قصير فوجب أن يبدأ العبد بالأهم فالأهم ليكون الأعز فالأعز ولولا أن من شأن العبد الملل لما كان له أن يشتغل بغير الأعز فيه ابدا فلما ركبه الله تعالى على الملل جعل له رتبة أخرى مفضولة لينتقل إليها إذا مل فإذا مل منها كذلك ينتقل إلى المباح وهذا كله من رحمة الله بعباده . وقد قال الإمام الشافعي Bه : طلب العلم أفضل من صلاة النافلة مع أن الثلث الأخير من الليل كان يصرفه في التهجد دائما فلولا أن العبد يمل من الاشتغال بالعلم لكان جعل الثلث الأخير كذلك للعلم . وحاصل الأمر أن تقديم الكسب واجب مقدم على الاشتغال بالعلم وغيره بأي طريق كان الكسب حتى بالسؤال للناس بشرطه فإذا حصل الإنسان قوته اجتمع فكره . وقد كان الإمام الشافعي C يقول : لا تشاور من ليس في بيته دقيق أي لأنه مشتت البال فاعلم أن حياة الأبدان مقدمة على حياة الأرواح والقوت بالعلم لأن حياة الروح فرع عن حياة الجسم من حيث أنه محل لظهور أفعال التكليف وإقامة شعار الدين وهذا اللون في حق من يضيع من يعول مع إشتغاله بخير آخر فكيف بمن يضيعهم لاشتغاله باللهو واللعب ونحو ذلك : والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم