- روى البخاري وأبو داود والترمذي وغيرهم مرفوعا : من لم يدع قول الزور والعمل به . زاد في رواية : والجهل فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه : أي إن الله لم يأمر باصوم على هذا الوجه فافهم : وروى الطبراني مرفوعا : [ [ من لم يدع الخنا والكذب فلا حاجة لله أن يدع طعامه وشرابه ] ] . وروى النسائي بإسناد حسن وابن خزيمة في صحيحه والبيهقي مرفوعا : [ [ الصيام جنة ما لم تخرقها ] ] . زاد في رواية الطبراني : قيل وبما يخرقها يا رسول الله ؟ قال : بكذب أو غيبة . وروى ابن خزيمة في صحيحه والحاكم وغيرهما مرفوعا : [ [ ليس الصيام من الأكل والشرب إنما الصيام من اللغو والرفث ] ] . وروى البخاري وغيره مرفوعا لكن في إسناده من لم يسم : أن إمرأتين صامتا ثم جلستا تأكلان من لحوم الناس فأمرهما النبي A أن يستقيئا ما في بطونهما في قدح فقاءتا كل واحدة قيئا ودما وصديدا ولحما حتى ملأتا القدح ثم قال رسول الله A : إن هاتين صامتا عما أحل الله لهما وافطرتا على ما حرم الله عليهما . زاد في رواية : ولو أن ذلك بقي في بطونهما لأكلتهما النار يوم القيامة . والله تعالى أعلم .
- ( أخذ علينا العهد العام من رسول الله A ) أن لا نتهاون قط في الوقوع فيما نهانا الشارع عنه ولو رأينا أكابر العلماء يقعون فيه وذلك كالغيبة والنميمة والحسد والكبر والغل والحقد وسوء الظن بالمسلمين ونحو ذلك في رمضان وغيره بل نراعي يرك وقعوع ذلك منا في رمضان أشد من مراعاتنا له في غيره عملا بتأكيد الشارع A علينا في ترك ذل في رمضان ولا يجوز لنا الإغترار بمن رأيناه يقع في ذلك من أكابر الناس لأن الإغترار لا يكون إلا فيما لم يرد لنا فيه عن الشارع أما ما ورد فيه ذلك فاغترارنا بمن وقع فيه ضلال مبين بل الذي يجب علينا التباعد عن الوقوع في ذلك أشد من العلماء والصالحين لنقص مقامنا عنهم فربما سامحهم الحق تعالى دوننا لمحبته لهم وأكثر من يقع في خيانة هذا العهد من في قلبه شيء من النفاق تراه يقع في الغيبة والنميمة ويشتم الناس في رمضان ويقول : هذا أمر لا يقدر العلماء يتحرزون عنه فضلا عن مثلي ولعمري هذا كلام لا يقع ممن يخاف الله D وهو حجة له في قلة الدين .
فيحتاج من يريد العمل بهذا العهد إلى السلوك على يد شيخ ناصح حتى يسد عليه مجاري الشيطان التي يدخل منها إلى قلب العبد فيوسوس له بالسيئات ومن لم يسلك على يد شيخ فمن لازمه غالبا عدم حفظ جوارحه الظاهرة والباطنة عن الوقوع في كل عضو والصوم جنة ما لم يخرقه بغيبة أو نميمة ومعلوم أن الشيطان بالمرصاد لما تخرق من صوم العبد ليدخل إلى قلبه من ذلك الخرق فيحتاج إلى تحفظ زائد ليسد جميع الثغر الذي يدخل منه .
وقد أجمع العارفون على أن من حفظ صومه من التخرق حفظ من الشيطان إلى رمضان الآتي ثم من أعون شيء لإبليس على وسوسة العبد كثرة الأكل في العشاء والسحور فإن العبد إذا شبع شبعت جوارحه وأجابت إبليس إلى كل ما دعاها إليه من المعاصي وهذا الأمر قد عم غالب الناس فتراهم يأكلون في رمضان أكثر مما يأكلون في غيره فأخطأوا طريق الصواب وصار صومهم كأنه عادة لا عبادة .
وقد كان السلف الصالح يخرجون من صيام رمضان يكاشفون الناس بما في سرائرهم من كثرة نور العبادات وتوالي الطاعات وترك أكل الشهوات وهجر المباحات وكان أحدهم إذا فاته ليلة القدر في سنة يعاقب نفسه تلك السنة بصومها كلها فإن جميع ما يتقدم ليلة القدر من الصيام إنما هو كالاستعداد لرؤيتها فإنها خير من عبادة ألف شهر وهو نحو ثلاث وثمانين سنة . وإذا كان من ترك صلاة العصر من المؤمنين يحصل له من الحزن على فواتها مثل حزن من فقد أهله وماله فكيف لا يتأسف أحدنا على فوات عبادة ثلاث وثمانين سنة .
فاسلك يا أخي على يد شيخ لتكمل لك عبادتك ويزيل عنك النقص الواقع فيها فإن مقصود أهل الطريق كلهم بالمريدين إنما هو ليلحقوهم بالسلف الصالح في إتمام عباداتهم على الوجه المشروع لا غير : والله عليم حكيم