- روى مسلم وغيره : أن رسول الله A خرج عام الفتح إلى مكة في رمضان فصام وصام الناس ثم دعا بقدح من ماء فرفعه حتى نظر الناس إليه ثم شرب فقيل له بعد ذلك إن بعض الناس قد صام ؟ فقال أولئك العصاة أولئك العصاة . وفي رواية لمسم : فقيل له : إن الناس قد شق عليهم الصيام وإنما ينظرون فيما تفعل فدعى بقدح من ماء بعد العصر فشرب . وروى الشيخان وغيرهما مرفوعا : أن رسول الله A كان في سفر فرأى رجلا قد اجتمع عليه الناس وقد ظلل عليه فقال ما له ؟ فقالوا صائم فقال رسول الله A : [ [ ليس من البر أن تصوموا في السفر ] ] . زاد في رواية : [ [ وعليكم برخصة الله التي رخص لكم فاقبلوها ] ] . وروى ابن ماجه والنسائي مرفوعا : [ [ صائم رمضان في السفر كالمفطر في الحضر ] ] . ورواه بعضهم موقوفا على ابن عمر . وروى الإمام أحمد والطبراني مرفوعا : [ [ من لم يقبل رخصة الله D كان عليه من الإثم مثل جبل عرفة ] ] . لكن قال البخاري كأنه حديث منكر . وروى مسلم عن أنس قال : كنا مع النبي A في سفر فمنا الصائم ومنا المفطر فنزلنا منزلا في يوم حار أكثرنا ظلا صاحب الكساء فمنا من يتقي الشمس بيده فسقط الصوام وقام المفطرون فضربوا الأبنية وسقوا الركبان فقال النبي A ذهب المفطرون اليوم بالأجر . وكان عمر ابن عبدالعزيز وقتادة ومجاهد إذا سئلوا عن الصوم والإفطار في السفر أيهما الأفضل ؟ يقولون افضلهما أيسرهما . واختار هذا القول أبو بكر بن المنذر وقال الحافظ عبدالعظيم وغيره وهو حسن . والله تعالى أعلم .
- ( أخذ علينا العهد العام من رسول الله A ) أن لا نصوم في السفر إلا إن سهل علينا من غير مشقة عملا برخصة الله تعالى ورسوله A وميلا إلى الضعف وهذا العهد يقع في خيانته كثير من المتصوفة والجهال فيصوم أحدهم في السفر ويقاسي المشقات الشديدة ولا يفطر ويرى أن ذلك أفضل له ويقدم رأي نفسه على الشارع A وقد جرب أنه ما شدد أحد على نفسه وخالف الشارع إلا أخل بمأمورات أخر فإن الله تعالى أعلم بما يتحمل عبده المداومة عليه ولو علم منهم القدرة على أكثر ما شرع لزاد عليهم في التشريع بل جرب أن كل طفل قرأ يوم الجمعة وكتب لوحه فلا بد أن يكسل عن لوحه في يوم آخر من الجمعة فلا أكمل ممن يقف على أحد ما أمره به الشارع أبدا . فيحتاج من يريد العمل بهذا العهد إلى شيخ يهديه إلى سلوك طريق العبادات التي يطيق العبد المداومة عليها ولا يؤدي عليه : { فما رعوها حق رعايتها } وأيضا فإن العبد في حال فعله برخصة الشارع يسمى متبعا وفي التشديد على نفسه يسمى مبتدعا ومعلوم أن الاتباع أولى من الابتداع ولو استحسن . والله أعلم