- روى أبو داود وغيره مرفوعا : [ [ لا يتناجى اثنان على غائطهما ينظر كل منهما إلى عورة صاحبه فإن الله يمقت على ذلك ] ] . وفي رواية له : أن رسول الله A كان يبعد عن الناس إذا قضى حاجته حتى لا يرى أحد شخصه . وروى الترمذي وغيره مرفوعا : لم يكن رسول الله A فاحشا ولا متفحشا . وروى الترمذي وحسنه مرفوعا : [ [ من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يدخل الحمام إلا بمئزر ] ] . والله تعالى أعلم .
- ( أخذ علينا العهد العام من رسول الله A ) أن لا نتهاون بترك شيء من آداب السنة المحمدية كما عليه بعض المتهورين فيترك أحدهم السنة ويقول الأمر سهل وربما أشعر ذلك اللفظ بالاستهانة بتركها رغبة عنها وذلك كفر فليحذر الفقيه المتدين من مثل ذلك .
وقد سمعت سيدي عليا الخواص C يقول : لا نجد شيئا يخل بالمروءة إلا وهو مخالف للشريعة وما من مأمور شرعي إلا وله درجة في الجنة لا تنال تلك الدرجة إلا به وكذلك القول في أهوال يوم القيامة لا يلحق العبد هول منها إلا بفعله منهيا عنه في دار الدنيا فلكل منهي كرب يلحق صاحبه هناك ومن أحكم فعل المأمورات وترك المنهيات لا يلحقه هناك غم ولا هم ولا حزن ومن أخل بشيء من ذلك لحقه الكرب والهم بقدر ما أخل .
وسمعت أخي أفضل الدين C يقول : ما أخل أحد بآداب الشريعة إلا وترقى لفعل المكروهات ولا فعل المكروهات إلا وترقى لفعل الحرام وكان يقول من رأيته يتعاطى الأسباب التي تخل بالمروءة فلا ترجو له خيرا قال وذلك كان يدخل مع والد زوجته أو ولدها أو أخيها الحمام أو يكلم أحدا وهو يقضي الحاجة في الخلاء أو يخرج صوتا بحضرة الناس أو في المسجد أو يقضي الحاجة قريبا من الناس بحيث يسمعون صوت الخارج من ريح أو بول أو لا يستر شخصه عند البراز ويتكلم بكلام الفساق والأراذل مما يستحي أرباب المروءة أن ينطقوا به ونحو ذلك .
وما رأت عيني إلى وقتي هذا اكثر مروءة من ولد عمي الشيخ أحمد وشخص من جبلية الوالي كان ينام عندنا في المسجد أما ولد عمي فكان لا يقدر قط يقضي الحاجة وأحد ينظر إليه وقد سافرت معه من مصر إلى المحلة الكبرى في المركب فما قدر على إخراج بول ولا غائط وكان يطلع البر مع الناس فيجلس فيتخيل أن أحدا ينظر إليه فلا يخرج له شيء ويرجع بلا قضاء حاجة مع أنه كان يتباعد أكثر من جميع الناس وأما الشخص الجبلي فسمع مرة صوت ريح من نائم عندنا فامتنع من النوم في المسجد وأكرى له حاصلا وصار ينام فيه خارج المسجد وقال : خفت أن يخرج مني ريح وأنا نائم في المسجد .
وأما أم ولدي عبدالرحمن Bها فلها الآن معي تسع عشرة سنة فما رأيتها قط وهي تقضي حاجتها في خلاء البيت إلى وقتي هذا Bها .
فاعلم أن علو الهمة والمروءة من الإيمان .
وقد أجمع أهل الطريق على أن كل مريد تعاطى قضاء حاجته بالقرب منه وهو يزحف من غير أن يقوم لها فلا يجيء منه شيء في الطريق وكذلك إذا أرسله شيخه في حاجة إلى السوق فقال انظروا هل بقي حاجة أخرى حتى آتي بهما جميعا فلا يجيء منه شيء في الطريق إلا أن يكره خروج الطريق لغرض شرعي .
وقد بلغنا أن شخصا من الفقراء خطب ابنة سلطان فقال له السلطان إن مهر ابنتي غال عليك فقال كم هو ؟ قال مائة جوهرة كل جوهرة بألف دينار فقال وأين معدن تلك الجواهر ؟ فقال له السلطان في بحر الظلمات فأخذ الفقير قصعته وذهب إلى البحر فما قدر على الغوص فيه فصار يغترف من البحر ويرش على الساحل فمر عليه شخص فقال له فماذا تصنع من هذا البحر بقصعتك هذه فقال لا أرجع حتى أصل إلى الجوهر أو أموت وأنا طالبه فبلغ ذلك السلطان فأعجبته مروءته فقال مثلك يصلح أن يكون وزيرا فأعطاه الوزارة وزوجه ابنته . فهكذا ينبغي للمؤمن الخاطب للمعالي . { والله غفور رحيم }