- روى الإمام أحمد والحاكم : أن النبي A دخل على عمه العباس وهو يشتكي فتمنى الموت فقال : [ [ يا عباس لا تتمنى الموت إن كنت محسنا تزداد إحسانا إلى إحسانك وإن كنت مسيئا فأن تؤخر لتستعتب من إساءتك خير لك لا تتمنى الموت ] ] . وفي رواية للإمام أحمد والبيهقي بإسناد حسن مرفوعا : [ [ لا تتمنوا الموت فإن هول المطلع شديد وإن من السعادة أن يطول عمر العبد ويرزقه الله الإنابة ] ] . وفي رواية لمسلم : لا يتمنى أحدكم الموت ولا يدعوا به من قبل أن يأتيه إنه إذا مات انقطع عمله وإنه لا يزيد المؤمن عمره إلا خيرا .
وروى الشيخان وغيرهما مرفوعا : [ [ لا يتمنى أحدكم الموت لضر نزل به فإن كان ولا بد فاعلا فليقل اللهم أحيني ما كانت الحياة خيرا لي وتوفني إذا كانت الوفاة خيرا ] ] . والله تعالى أعلم .
- ( أخذ علينا العهد العام لرسول الله A ) أن لا نتمنى الموت إلا إن خفنا على أنفسنا من فتنة في ديننا في هذا الزمان الذي يرى الإنسان دينه في كل يوم ينقص عن اليوم الذي قبله وهذا الأمر قد وقع من حين انتهى كمال الدين وهو سنة سبع وثلاثين وخمسمائة كمارأيت ذلك في لوح نزل من السماء في واقعة في المنام وقد أخذت الأمور كلها يا أخي في النقص وصار دين المؤمن ينقص كل يوم الحال الذي قبله وصار يتصعب على الإنسان القبض عللى دينه كما يتصعب على الإنسان القبض على دينه كما يتصعب عليه القبض على جمرة في كفه ليلا ونهارا فكما ضعف عن دوام القبض على الجمرة كذلك ضعف عن دوام القبض على الدين على حد سواء فلا يموت الإنسان يوم يموت إلا على أنقص الأحوال وأول أخذ الدين في النقص من سنة سبع وثلاثين وخمسمائة حين أبلغ أهل العلم حدهم وأهل الطريق حدهم هذا ما رأيته مكتوبا في لوح تجاه مدرسة الشيخ إبراهيم المواهبي الشاذلي بباب الخرق من مصر المحروسة وكان في سلسلة فضة وقد أشار إلى ذلك الشيخ عبدالعزيز الدريني في منظومته وكان في سنة سبعين وخمسمائة يقول : .
وقد بدا النقص في الأحوال أجمعها ... وبدلت صفوة الأوقات بالكدر .
وقد مررت في سنة سبع وأربعين وتسعمائة على شيخ قد طعن في السن وهو نائم تحت قنطرة الخليج الحاكمي بمصر المحروسة أيام الصيف فسلمت علي فرد السلام ثم قال لي : ما اسمك ؟ قلت له عبدالوهاب فقال : لي سنين عديدة ومقصودي لو رأيتك اجلس فجلست عنده فصافحني وقبض على يدي فكدت أن أصيح من عصرها فقال لي ما تقول في هذه القوة ؟ فقلت قوة شديدة فقال هذه من لقيمات الحلال التي أكلناها في حال الصبا فلولا تلك الخميرة لكان جسمنا لليوم كالنخالة من حيث المكاسب وعدم تورع الناس ثم قال لي يا ولدي عمري الآن مائة وثلاثين وأربعون سنة والله قد تغيرت الناس ونقصت أديانهم وأماناتهم في هذه الثلاث سنين الأخيرة أكثر مما نقصت أديانهم في المائة وأربعين سنة قد صار الآن أخوك وصاحبك كأنه ما هو أخوك وصاحبك كأنه ما هو صاحبك بل ابنك كأنه ما هو ولدك ولا أنت أبوه وانحلت القلوب عن بعضها بعضا وتراكمت البلايا ونزلت على الخلائق مع قلة الصبر حتى كثر سخطهم على مقدورات ربهم ونقصت بذلك أديانهم وصار الموت اليوم تحفة لكل مؤمن كما ورد فلا يطالب المعيشة في هذا الزمان إلا من حجب عن نقصه ثم قال : يا ولدي وأنا أوضح لك ذلك في حق صالحي هذا الزمان فضلا عن طالحيه فقلت له : نعم فقال : أصلح الصالحين هوأن يقوم من الليل فيتوضأ ويصلي ما كتب له إلى الفجر ثم يصلي الصبح ويشتغل بورده كذلك إلى الظهر ومن الظهر إلى العصر ومن العصر إلى المغرب ومن المغرب إلى العشاء ومن العشاء إلى أن ينام . فلو فرضنا سلامته من جميع المعاصي الظاهرة فهل يقدر على سلامته من سوء الظن بأحد من أقرانه أو حساده أو رؤية نفسه عليه في ساعة من ساعات طول عمره ؟ فقلت له هذا بعيد فقال لو وضعت عبادة الشخص طول عمره في كفة وسوء الظن بمسلم في كفة لرجح سوء الظن فإذا كانت عبادة الصالحين لا تفي بجزاء ذنب واحد فكيف بمن عليه ما لا يحصي من حقوق الخلق فقبلت يده وانصرفت رضي الله تعالى عنه . فسلم يأخي أمرك إلى الله واسأل الله تعالى الصبر على مرارة هذا الزمان فإن البلاء كالسحاب السائر وأنت كالماشي تحته أو كالسحاب السائر وأنت واقف فلا بد من فراق أحدكما لصاحبه . وقد كان سفيان الثوري Bه يقول : إنما خاف الأكابر من البلاء لما فيه من السخط لا لذاته ثم يقول : والله ما أدرى ماذا يقع مني لو ابتليت ؟ لعلي أكفر ولا أشعر . فاعلم ذلك ونزل يا أخي كراهية تمنى على كان من كان في خير وعدم الكراهة على من كان في شر ولا تطلق الأمر والله يتولى هداك :