- روى الشيخان : [ [ أن امرأة سوداء كانت تقم المسجد أي تكنسه ففقدها رسول الله A فسأل عنها بعد أيام فقيل له إنها ماتت فقال : فهلا آذنتموني فأتى قبرها فصلى عليها ] ] .
وفي رواية لابن ماجه : [ [ أنها كانت تلتقط الخرق والعيدان من المسجد ] ] .
وفي رواية للطبراني : [ [ أنها كانت تلتقط القذى من المسجد فقال النبي A إني رأيتها في الجنة بلقطها القذى من المسجد ] ] .
وروى أبو الشيخ الأصفهاني : [ [ أنها أجابت النبي A من القبر لما صلى عليها وسألها ما وجدت من العمل أفضل ؟ فقالت : وجدت أفضل الأعمال قم المساجد ] ] .
قلت مرادها بأفضل الأعمال أي في حق نفسها فلا ينافي ذلك من رأى أفضل الأعمال غير ذلك لأنه في حق نفسه كذلك وهكذا . والله تعالى أعلم .
وروى الطبراني مرفوعا : [ [ ابنوا المساجد وأخرجوا القمامة منها فمن بنى لله مسجدا بنى الله له بيتا في الجنة فقال رجل يا رسول الله وهذه المساجد التي تبنى في الطريق قال نعم وإخراج القمامة منها مهور الحور العين ] ] .
وروى أبو داود والترمذي وابن ماجه وغيرهم : [ [ عرضت على أجور أمتي : القذاة يخرجها الرجل المسلم من المسجد ] ] .
وروى الترمذي وغيره : [ [ أمرنا رسول الله A أن نتخذ المساجد في ديارنا وأمرنا أن ننظفها ] ] .
وروى ابن ماجه والطبراني مرفوعا : [ [ جنبوا مساجدكم صبيانكم ومجانينكم وشراءكم وبيعكم وخصوماتكم ورفع أصواتكم وإقامة حدودكم وسل سيوفكم واتخذوا على أبوابها المطاهر وجمروها في الجمع ] ] . ومعنى جمروها أي بخروها . والله تعالى أعلم .
- ( أخذ علينا العهد العام من رسول الله A ) أن ننظف المساجد ونطهرها لا سيما إن حصل فيها قمامة أو نجاسة بواسطتنا أو واسطة أولادنا أو خدامنا أو الفقراء المقيمين عندنا فإنه يتأكد علينا كنسها وتطهيرها وإخراج القاذورات والقمامات منها إما إلى الكوم وإما إلى محل طرح تراب المسجد حتى يأتي الزبال يحمله إلى الكوم إن كان بعيدا عن المسجد . وهذا العهد يخل به كثير من علماء الزمان وصالحيه الساكنين بجوار المسجد وباب دراهم من داخله فترى الحصر التي هي فيه قريبة من دراهم قذرة من دخول السقاء والحطب واللحم والخدم الحفاة الذين يخرجون إلى السوق حفاة ولا يتجرأ خادم المسجد يمنعهم من ذلك خوفا من ذلك الشيخ أو من طلبته أن يؤذوه أو يسلطوا عليه الناظر فيؤذيه بضربه أو بقطع شيء من جامكيته ونحو ذلك .
فلينتبه العالم أو الصالح لمثل ذلك ويحترم مساجد الله تعالى وليتأمل نفسه في قلة خوفه من الله تعالى يجدها تخاف من الخلق أكثر من الله إما لغفلته عنه تعالى أو لكونه لا يهتك ستره بخلاف الخلق ولو أنه دخل قصر الملك وحصل منه قذر فيه لم يصبر ساعة على تقديره قصر الملك ولو أنزل به الملك بل تراه إذا رأى ولده الصغير بال أو تغوط على باب قصر الملك يبادر على الفور بإزالته وتطهيره وربما مسحه بردائه أو قميصه خوفا أن يطلع عليه ذلك السلطان ولو رأى مثل ذلك في المسجد ما كان مسحه بردائه ولا بقميصه قط بل يقول انظروا لفراشة يطهر هذا المكان ولو أنه لم يجده إلى آخر النهار لترك النجاسة في المسجد وكل ذلك استهانة بجانب الله تعالى ومما يتساهل به سكان المسجد أيضا جعل الغنم والإوز والدجاج فوق سطحه ويحجبونه بحصير حتى لا يراه أحد من الخلق الذين ينكرون ذلك عليهم ويتغافلون عن مثل ذلك .
وقد رأى سيدي علي الخواص C مرة على ظهر زاوية بعض الفقراء خروفا مربوطا فنادى على الشيخ حتى سود وجهه بين الناس فاعتذر له بعدم علمه فقال له ما وضعه نقيبك هنا إلا لعلمه بقلة اعتنائك بمثل ذلك فإنك لو أدبته وعلمته الأدب مع الله تعالى لم يقع منه مثل ذلك ثم أنشد : .
ومن ربط الكلب العقور ببابه ... فكل أذى للناس من رابط الكلب .
وكان كنس المساجد المهجورة بمصر من وظائف سيدي علي الخواص فكان يكنسها ويكنس أسطحتها ومجاري ميضأتها وكراسي أخليتها وكان يتفقدها يوم الخميس ويوم الجمعة فيخرج في صلاة الصبح فلا يرجع إلا بعد المغرب احتسابا لله تعالى وكذلك كان من وظيفته كنس مقياس الروضة بمصر كان يكنسه ثاني يوم نزول النقطة ويكنس الطين الذي في سلمه ويجرده بالحديد ويحمل منه قفة عظيمة يفرقها على خوابي الماء على نية التبرك وكان عليه سؤال الله تعالى في إطلاعه النيل كل سنة فكان يكون في ليلة تنزل النقطة كأنه حامل حملا عظيما على ظهره حتى يوفى البحر وتنقطع جسوره فيتحول لحملة ري البلاد فإذا رويت تحول لحملة كمال الزرع وختامه من غير آفات تلحقه فلا يزال كذلك حتى يحصد الزرع وكان من دعائه : اللهم من علينا وعلى الأنعام بختام الزرع ولا تعذبنا بغلائه . فإذا طلع القمح وغيره إلى الحواصل تحول لعدم تسويسه فلا يزال كذلك إلى نزول النقطة هكذا كان شأنه على الدوام ويقول : الملوك فمن دونهم محتاجون إلى اللقمة وإلى التبن لهم ولبهائمهم وما زاد على ذلك من الشهوات أمره سهل . رضي الله تعالى عنه فإياك يا أخي وتقذير المساجد ثم إياك والله يتولى هداك