- روى الشيخان أن رسول الله A قال لبلال : [ [ يا بلال حدثني بأرجى عمل عملته في الإسلام فإني سمعت دق نعليك بين يدي في الجنة ؟ ] ] قال [ [ ما عملت عملا أرجى عندي من أني لم أتطهر طهورا في ساعة من ليل أو نهار إلا صليت بذلك الطهور ما كتب لي أن اصلي ] ] .
والدق بضم الدال هو صوت النعل حال المشي والمعنى أني رأيتك مطرقا بين يدي كالمطرقين بين يدي الملوك والأمراء كما مر في عهد المواظبة على الوضوء وإن اختلف لفظ الواقعة .
وروى مسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجه وابن خزيمة في صحيحه مرفوعا : ما من أحد يتوضأ فيحسن الوضوء ويصلي ركعتين يقبل بقلبه ووجهه عليهما ألا وجبت له الجنة .
وفي رواية لأبي داود مرفوعا : من توضأ فأحسن الوضوء ثم صلى ركعتين لا يسهو فيهما غفر له ما تقدم من ذنبه .
قلت قواعد الشريعة تقتضي أن السهو محمول عن العبد في صلاته : ولكن لما فرط العبد بعدم تفريغ نفسه من الشواغل قبل الدخول في الصلاة ثم سها كان عليه اللوم ولو أنه فرغ نفسه ثم سها لم يكن عليه لوم . والله أعلم . وروى الشيخان وغيرهما مرفوعا : من توضأ نحو وضوئي هذا - يعني ثلاثا ثلاثا - ثم صلى ركعتين لا يحدث فيهما نفسه غفر له ما تقدم من ذنبه . وفي رواية للإمام أحمد : ثم صلى ركعتين أو أربعا .
شك الراوي إلى آخر الحديث . والله تعالى أعلم .
- ( أخذ علينا العهد العام من رسول الله A ) أن نواظب على الركعتين بعد كل وضوء بشرط أن لا نحدث فيهما أنفسنا بشيء من أمور الدنيا أو بشيء لم يشرع لنا في الصلاة ويحتاج من يريد العمل بهذا العهد إلى شيخ يسلك به حتى يقطع عنه الخواطر المشغلة عن خطاب الله تعالى .
واعلم أن حديث النفس المذموم ليس هو رؤية القلب لشيء من الأكوان كما توهمه بعضهم فإنه ليس في قدرة العبد أن يغمض عين قلبه عن شهود أنه في مكان قريب أو بعيد من بستان أو جامع أو غير ذلك فإن في حديث الصحيحين أنه A قال : [ [ رأيت الجنة والنار في مقامي هذا ] ] .
وكان ذلك في صلاة الكسوف فلو كان ذلك يقدح في كمال الصلاة لما وقع له A ذلك وحمل بعضهم ما وقع له A على قصد التشريع لأمته بعيد .
وأما ما نقل عن عمر بن الخطاب Bه من تجهيز الجيوش في الصلاة فذلك لكماله لأن الكمل لا يشغلهم عن الله شاغل مع أن ذلك كان في مرضاة الله D .
فاسلك يا أخي على يد شيخ ناصح يشغلك بالله تعالى حتى يقطع عنك حديث النفس في الصلاة كقولك أروح لكذا أفعل كذا أقول كذا أو نحو ذلك وإلا فمن لازمك حديث النفس في الصلاة ولا يكاد يسلم لك منه صلاة واحدة لا فرض ولا نفل فاعلم ذلك وإياك أن تريد الوصول إلى ذلك بغير شيخ كما عليه طائفة المجادلين بغير علم فإن ذلك لا يصح لك أبدا .
وقد قال الجنيد يوما للشبلي وهو مريد : يا أبا بكر إن خطر في بالك من الجمعة إلى الجمعة غير الله فلا تأتنا فإنه لا يجيء منك شيء .
قلت ومراده بغير الله D غير ما لا يرضيه من المعاصي وإلا فحضور الطاعات على القلب لا يقدح في السالك بالإجماع . { والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم }