فقلت أحب أن أراه فقام وقمت معه فمشينا غير بعيد وإذا فتى مضطجع بفناء بيت من تلك البيوت لم يبق منه إلا خيال فأكب الشيخ عليه فسأله وأمه واقفة فقالت يا مالك هذا عمك أبو فلان يعودك ففتح عينه وأنشأ يقول .
ليبكني اليوم أهل الود والشفق ... لم يبق من مهجتي شيء سوى رمقي .
اليوم آخر عهدي بالحياة فقد ... أطلقت من ربقة الأحزان والقلق .
ثم تنفس الصعداء فإذا هو ميت فقام الشيخ وقمت فانصرفت إلى خبائه وإذا امرأة بضة تبكي وتفجع فقال الشيخ ما يبكيك فأنشأت تقول .
ألا أبكي لصب شف مهجته ... طول السقام وأضني جسمه الكمد .
يا ليت من خلف القلب المهيم به ... عندي فأشكو إليه بعض ما أجد .
أنشر تربك أسرى لي النسيم به ... أم أنت حيث يناط السحر والكبد .
ثم أنكبت على كبدها وشهقت فإذا هي ميتة .
قال يونس فقمت من عند الشيخ وأنا وقيذ .
أخبرتنا شهدة قالت أنبأنا أبو محمد بن السراج قال ذكر أبو الحسين المدائني عن محمد بن صالح الثقفي أن بعض الأعراب عشق جارية من حيه فكان يتحدث إليها فلما علم أهلها بمكانه ومجلسه منها تحملوا بها فتبعهم ينظر إليهم ففطن به فلما علم أنه قد فطن به انصرف وهو يقول .
بان الخليط فأوجعوا قلبي ... حسبي بما قد أورثوا حسبي .
إن تكتبوا نكتب وإن لا تكتبوا ... تأتيكم بمكانكم كتبي