إني والله قد غلب على قلبي ذكره حتى لا يفارقني وإني لأذكر ذنوبي فأبكى على تفريطي ثم أذكره فأبكي عليه فيهيج من قلبي شجو لا يشبهه شجو وإني أسال الذي حرمني قربه في الدنيا أن ينسيني ذكره وأن يجمع بيني وبينه في داره .
قال ومرضت مرضا شديدا وبليت في بدنها بلاء عظيما قال فكان المعالج إذا بدأ بمعالجتها حادثها فيقول يا فلانة ما هذا الجزع الذي تجزعين فوالله ما رأيت رجلا هو أهيأ ولا أحسن هديا ولا أصبر على بلاء إذا نزل به من فتى في جيراني يقال له فلان يعني صاحبها فتسكت ثم تقول هي حدثني وهو يقطع من لحمها وكأنها لما غلب على قلبها من المحبة لذكره لا تحس بما يصنع بها فإذا كف عن ذكره توجعت وجزعت فما زالت في حالها تلك حتى ماتت .
فلقد رأيته في جنازتها مغطى الرأس حتى دفنها وكنت كثيرا إذا مررت بالمقابر أراه عند قبرها .
أخبرنا أبو المعمر الأنصاري قال أنبأنا صاعد بن سيار قال أنبأنا أحمد ابن أبي سهل الغورجي قال أنبأنا إسحاق بن إبراهيم الحافظ قال أنبأنا أحمد بن محمد بن العباس قال أنبأنا عبد الله بن موسى السلامي قال حدثنا محمد بن يعفور قال حدثنا العلاء بن منصور قال حدثنا الأصمعي قال بت عند بعض الأعراب في البادية وله ولد مضني على فراشه فقال لي أبوه ابني هذا قد نزل به ما ترى من الشعق فدنوت إليه فقال أنشدني شيئا فقلت لست بشاعر فقال لولا أنك ضيف لسألتك أن تحدثني ولكن من حق الضيافة أن يحدث الضيف فقلت له فما حالك فحدثني بحديث طويل ثم شهق شهقة وقال