وقال بعض العلماء لما أهبط الله آدم إلى الأرض أتاه جبريل بثلاثة اشياء الدين والعقل وحسن الخلق فقال إن الله يخيرك واحدا من هذه الثلاثة فقال يا جبريل ما رأيت احسن من هؤلاء إلا في الجنة فمد يده إلى العقل فضمه إلى نفسه فقال لذينك اصعدا قالا لا نفعل قال أتعصياني قالا لا نعصيك ولكنا أمرنا أن نكون مع العقل حيثما كان .
فصارت الثلاثة إلى آدم .
وقال وهب بن منبه إني وجدت في بعض ما أنزل الله على أنبيائه أن الشيطان لم يكابد شيئا أشد عليه من مؤمن عاقل وأنه يكابد مائة جاهل فيستجرهم حتى يركب رقابهم فينقادون له حيث شاء ويكابد المؤمن العاقل فيصعب عليه حتى ما ينال منه شيئا من حاجته .
قال وهب ولإزالة الجبل صخرة صخرة وحجرا حجرا أشد على الشيطان من مكابدة المؤمن العاقل فإذا لم يقدر عليه تحول إلى الجاهل فيستأسره ويستمكن من قياده حتى يسلمه إلى الفضائح التي يتعجل بها في الدنيا الجلد والحلق وتسخيم الوجه والقطع والرجم والصلب وإن الرجلين يستويان في أعمال البر ويكون بينهما كما بين المشرق والمغرب أو أبعد إذا كان أحدهما أعقل من الآخر وما عبد الله بشيء أفضل من العقل .
وقال معاذ بن جبل لو أن العاقل أمسى وأصبح وله ذنوب بعدد الرمل كان وشيكا بالنجاة والسلامة والتخلص منها ولو أن الجاهل أمسى وأصبح وله من الحسنات وأعمال البر عدد الرمل لكان وشيكا ألا يسلم له منها مثقال ذرة قيل وكيف ذلك قال لأن العاقل إذا زل تدارك ذلك بالتوبة والعقل الذي قسم له والجاهل إنما هو بمنزله الذي يبني ويهدم فيأتيه من جهله ما يفسد صالح عمله .
وقال الحسن ما يتم دين الرجل حتى يتم عقله وما أودع الله امرءا عقلا إلا استنقذه به يوما